"مكانها بهذا الماء"، أراد بهذا الماء: فضلَ وضوء رسول الله عليه السلام؛ لأنه رُوِيَ: أن طلقَ بن عليًّ - رضي الله عنهما - قال: استوهبنا رسولَ الله - عليه السلام - فضلَ وضوء، فدعا بماء فتوضأ منه، وتمضمض، ثم صبَّه في إِداوةٍ وقال:"اذهبوا بهذا الماء، فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بِيعتكم، ثم انضحوا مكانها بهذا الماء، واتخذوا مكانها مسجدًا" فقلنا: يا نبي الله! إن البلدَ بعيدٌ والماءُ ينشفُ، قال:"أمدُّوه من الماء، فإنه لا يزيد إلا طيبًا"، فعلمنا بهذا الحديث: أن قوله عليه السلام: "بهذا" الإشارةُ إلى فضل وضوئه، لا إلى جنس الماء.
قوله:"أمدُّوه"؛ أي: زيدوا عليه ماء آخر حتى يكثر. الإمداد: الزيادة.
* * *
٥٠٥ - قالت عائشة رضي الله عنها: أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ببناءِ المَساجدِ في الدُّورِ، وأنْ تُنَظَّفَ وتُطَيَّبَ.
قوله:"أمر رسول الله عليه السلام"؛ يعني: أذن رسول الله - عليه السلام - أن يُبنى في كلَّ محلة مسجدٌ.
و"الدور": المحلات.
ويحتمل أن يكون المراد به: أنه أذن أن يبني الرجل في داره مسجدًا يصلي فيه أهلُ بيته.
ولا يصيرُ الموضع مسجدًا بالصلاة فيه حتى يقول مالكه: جعلت هذا مسجدًا، فإذا قال ذلك، زال عنه ملكه، ويثبت لذلك الموضع حكمُ المسجد من تحريم لبث الجنب، والحائض.