٥١١ - قال عُثمان بن مَظْعُون - رضي الله عنه -: قلت: يا رسولَ الله! ائذَنْ لنا في الاخْتِصَاءِ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "ليسَ مِنَّا مَن خَصَى، ولا مَنِ اخْتَصى، إنَّ خِصَاءَ أُمَّتِي الصِّيامُ"، فقال: ائذَنْ لنا في السِّياحَةِ، فقال:"إنَّ سياحَةَ أُمَّتِي الجِهادُ في سَبيلِ الله"، فقال: ائذَنْ لنا في التَّرَهُّبِ، فقالَ:"إنَّ تَرَهَّبَ أُمَّتِي الجُلُوسُ في المَساجِدِ انتِظارَ الصَّلاةِ".
قوله:"ليس منا من خصى ولا اختصى": خصى يخصِي خِصاء - بكسر الخاء في المصدر -: إذا أخرج وسلَّ خصيةَ أحد، و (اختصى): إذا أخرج وسلَّ خصية نفسه.
اعلم أن جماعةَ أهلِ الصُّفة أرسلوا عثمان بن مظعون إلى رسول الله عليه السلام؛ ليستأذن رسول الله - عليه السلام - في الاختصاء؛ لأنهم يشتهون النساء، وليس لهم مهرٌ ونفقة أن يتزوجوا، فنهاهم رسول الله - عليه السلام - عن ذلك، وأمرهم بالصوم؛ فإن الصوم يكسر الشهوة.
"السِّياحة": مصدر ساح يسيح: إذا تردَّدَ وسافرَ في البلاد.
"الترهُّب": التزهُّد، والمراد هنا: العزلة عن الناس، والفرار من بينهم إلى رؤوس الجبال والمواضع الخالية، كما فعلت زُهَّادُ النصارى.
"انتظارَ الصلاة" منصوب بأنه مفعولٌ له؛ أي: لانتظار الصلاة.
كنية "عثمان": أبو الثابت، واسم جده: حبيب بن وهب بن حُذافةَ القرشي.
* * *
٥١٢ - عن عبد الرحمن بن عائش - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأَيتُ رَبي تَبَارَكَ وتعالى في أَحْسَنِ صُورَةٍ، فقال: فيمَ يَخْتَصِمُ المَلأَ الأَعْلَى يا مُحَمّد؟ قلتُ: أنتَ أَعْلَمُ أَي رَبَّ - مَرَّتَيْنِ - قال: فَوَضعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ،