"فالتمستُه"؛ أي: طلبتُه، "فوقعتْ يدي"؛ يعني: طلبتُه باليد، فمددتُ يدي من الحُجرة إلى المسجد، فوقعتْ يدي على تحت قدمه، وهو في السجود.
"أعوذ برضاك من سخطك"؛ أي أَطلبُ رضاك وأسألك ألا تَسخطَ عليَّ؛ يعني: ألا تُؤاخذَني بفعلٍ يُوجِبُ سخطَك، وكذلك معنى:"وبمعافاتك من عقوبتك"؛ يعني: أَطلبُ أن تُعافيَني ولا تُعاقبني.
"وأعوذ بك منك"؛ يعني: أَفرُّ إليك مِن أنْ تعذِّبني بذَنْبي وتقصيري في طاعتك.
"لا أُحصي ثناءً عليك"؛ أي: لا أُطيقُ أن أُثْنِيَ عليك كما تستحقُّه وتحبُّه، بل أنا قاصرٌ عن أن يبلغَ ثنائي قَدْرَ استحقاقك.
"أنت كما أثنيتَ على نفسك" بقولك: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية: ٣٦ - ٣٧]، وما أشبه ذلك من الآيات التي حمدتَ نفسَك فيها.
* * *
٦٣٤ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَقْربُ ما يكونُ العبدُ مِنْ ربه وهو ساجدٌ، فأكثِروا الدُّعاءَ".
قوله:"وهو ساجد"، الواو في (وهو ساجد) للحال؛ يعني: أقربُ حالات العبد من ربه حالَ كونه ساجدًا، وإنما يكون العبدُ في السجود أقربَ من ربه من سائر أحواله؛ لأن العبدَ بقَدْرِ ما يَبْعُدُ عن نفسه يَقْرُبُ من ربه، والسجودُ غايةُ التواضعِ وتركِ التكبُّر عن النفس؛ لأن النفسَ لا تأمر الرجلَ بالمَذلَّة والتواضع، بل تأمره بخلاف ذلك، فإذا سجدَ فقد خالَفَ نفسَه وبَعُدَ عنها، فإذا بَعُدَ عنها قَرُبَ من ربه، وإذا قَرُبَ من ربه يكون دعاؤُه مقبولاً؛ لأن