للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأحاديث رسول الله عليه السلام كالمطر النازل، وصدور الناس كالأرض، فكلُّ صدر قبلها مع عقيدة صحيحة، وعظَّم شأنها، يثبت في صدره فنون الرياحين، وأصناف النبات الذي ينتفعُ به الناس ويشفي المريض، ومن تقبلها ولكن لا عن عقيدة صحيحة، ولم يعظم شأنها، تثبت في أرض صدره أنواع الشكوك التي يتأذَّى بها الناس؛ يعني: يتولد منه النفاق والمجادلة والتكبر، ودليلُ ما قلنا قولُهُ تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ} [الأعراف: ٥٨] إلى آخر الآية.

(ليكون لهم بعد كتاب الله حظًّا من السنن)؛ يعني: يكون لهم حظان:

أحدهما: بقراءتهم القرآن والعمل به.

والثاني: بقراءتهم الأحاديث والعمل بها، فمن علم القرآن وعمل به ولم يعلم الأحاديث لم يكن حظه تامًا؛ لأن جميعَ أحكام الشريعة من الأمر والنهي، والحلال والحرام، وأحوال الإنسان من الموت إلى دخول أهل الجنةِ الجنةَ، وأهل النَّارِ النَّارَ، وغير ذلك ليس مذكورًا في القرآن، بل بعضُ هذه الأشياء مذكورٌ في القرآن، وبعضُهُ غيرُ مذكور، ودليلُ ما قلناه ما قال رسول الله عليه السلام: "أيحسبُ أحدُكم متكئًا على أريكته، فظنَّ أن الله تعالى لم يحرِّمْ شيئًا إلا ما في القرآنِ، ألا وإني والله قد أمرتُ ووعظت، ونهيت عن أشياءَ، إنها كمثل القرآن وأكثر ... " إلى آخر الحديث.

(وعونًا على ما هم فيه من الطاعة)؛ يعني: ليتعلموا كيفية العبادة، وقدر وظائف رسول الله وأوراده من الصوم والصلاة وغير ذلك، فإن العملَ بسنَّةٍ من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتضاعف ثوابه - وإن كانت عبادة قليلة - على عبادة ليست بسنة، وإن كانت عبادة كثيرة.

"تركت ذكر أسانيدها حذرًا من الإطالة عليهم، واعتمادًا على نقل الأئمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>