قوله:"يُصلِّي من الليل ثلاثَ عشرةَ رَكعةً ... " إلى آخره؛ يعني: يُصلِّي ثماني رَكَعاتٍ بأربعِ تسليمات، ثم يُصلِّي خمسَ رَكَعاتٍ بنيَّةِ الوِتْرِ بتسليمةٍ واحدةٍ لا يجلسُ إلا في آخرِها، ولو صلَّى رجلٌ رَكَعاتٍ كثيرةً ثم لا يجلسُ إلا في آخرِها جاز، ولو جلسَ في الآخرة - وقيل في الأخيرة - جاز أيضًا.
* * *
٨٩٧ - عن سَعْد بن هشام - رضي الله عنه - أنه قال: انطلقْنا إلى عائشةَ رضي الله عنها فقلتُ: يا أمَّ المؤمنينَ، أَنْبئيني عن خُلُقِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟، قالت: أَلَستَ تَقْرأُ القُرآنَ؟، قلت: بلى، قالَتْ: فإن خُلُقَ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ القرآنَ، قلتُ: يا أمَّ المؤمنينَ، أَنبئيني عن وِتْرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟، قالت: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سواكَه وطَهُورَه، فَيَبعثُه الله ما شاءَ أن يبعثَه من الليلِ، فَيتسوَّكُ ويتوضَّأ ويُصلِّيَ تسعَ ركعاتٍ لا يَجلِسُ فيها إلا في الثامنةِ، فَيذكُر الله، ويَحمَدُه، ويدعُوه، ثم ينهضُ ولا يُسلِّم فيصلي التاسعةَ، ثم يقعدُ فَيذكرُ الله، ويحمدُه، ويدعُوه، ثم يسلِّمُ تسليمًا يُسمِعُنا، ثم يُصلِّي ركعتَينِ بعدَ ما يُسلِّمُ وهو قاعدٌ، فتلكَ إحدى عشرةَ ركعةً، فَلَمَّا أَسَنَّ وأخذَ اللَّحْمَ أَوترَ بسبعٍ، وصنَعَ في الركعتينِ مثلَ صَنيعِه في الأُولى، فتلْكَ تسعٌ يا بنيَّ، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاةً أحبَّ أن يُداومَ عليها، وكان إذا غلبَهُ نومٌ أو وجعٌ عن قيامِ الليلِ صلى من النهارِ ثنتي عشرةَ ركعةً، ولا أعلمُ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قرأَ القرآنَ كلَّه في ليلةٍ، ولا صلَّى ليلةً إلى الصُّبحِ، ولا صامَ شهرًا كاملًا غيرَ رمضان.
قولها:"كان خلقه القرآن ... إلى آخره": يعني: كان خلقه مذكورًا في القرآن في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤].