أقولُهنَّ في قنوتِ الوِترِ:"اللهم اهدِني فيمَن هدَيتَ، وعافِني فيمَن عافيتَ، وتَوَلَّني فيمَن تَوَلَّيْتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وَقِني شرَّ ما قضيتَ، فإنَّكَ تَقضي ولا يُقضَى عليكَ، إنه لا يَذِلُّ مَنْ والَيْتَ، ولا يَغِرُّ من عاديتَ، ولا يضل من هديت، تباركتَ ربنا وتعالَيْتَ".
قوله:"فيمن هديت"؛ أي: فيمن هديتهم؛ يعني: اجْعَلْني من جملةِ الذين هديتَهم إلى الصراط المستقيم.
"وتولَّني": هذا أمرٌ مخاطَبٌ مِنْ (تَولَّى) إذا أحبَّ أحدًا وقام بحِفْظِ أموره، "من واليتَ"؛ أي: مَنْ أحببتَ.
* * *
٩١١ - وعن أُبي بن كَعْبٍ قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلَّم من الوترِ قال:"سُبحانَ المَلِكِ القُدُّوسِ" ثلاثَ مراتٍ يرفعُ في الثالثةِ صوْتَه.
قوله:"سبحان الملك القدوس ثلاث مرات"، (القُدُّوسُ): الطاهِرُ.
هذا الحديث يدلُّ على أن الذِّكْرَ برفْعِ الصوتِ جائزٌ، بل مستحَبٌّ إذا لم يكن فيه الرِّياءُ ليتعلَّمه الناسُ، لإظهارِ الدِّينِ ووصولِ بركةِ صوتِ الذِّكْرِ إلى السامعين والدُّور والبيوت والحيوانات، وليُوَافقُها القائل، مِنْ سمعِ صَوْتِه، وليشهدَ له يومَ القيامةِ كلُّ رَطْبٍ ويابسٍ سَمِعَ صوتَه.
وبعض المشايخ يختارُ إخفاءَ الذكر؛ لأنه أبعدُ من الرِّياء، وهذا يتعلَّقُ بالنية، فمن كانت نيتُه صادقةً فرفعَ الصوتَ بقراءة القرآنِ والذِّكْر أولى لما ذَكَرْنا، ومن خافَ من نفسه الرِّياءَ فالأَولى له إخفاءُ الذِّكْرِ كي لا يقعَ في الرِّياء، والله أعلم.