١٠٦٠ - عن عامر بن سَعْد، عن أبيه قال: خرجْنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن مكةَ نريدُ المدينةَ، فلمَّا كنا قَريبًا من عَزْوَزاء نزلَ، ثم رفعَ يديهِ فدَعا الله ساعةً، ثم خَرَّ ساجدًا، فمكثَ طويلًا، ثم قامَ فرفعَ يديه ساعةً، ثم خرَّ ساجدًا، ثم قام فقال:"إني سألتُ ربي، وشفعتُ لأِمَّتِي، فأعطاني ثُلُثَ أُمَّتي، فخرَرْتُ ساجدًا لِربي شكرًا، ثم رفعتُ رأسي فسألتُ ربي لأمَّتي، فأعطاني ثلثُ أمتي فخررتُ ساجدًا لربي شكرًا، ثم رفعتُ رأسِي فسألتُ ربي لأِمَّتي، فأعطاني الثلث الآخِرَ، فخررتُ ساجدًا لربي شكرًا".
وروي أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نُغاشِيًا، فسجد شكرًا لله، والنُّغاش: القصير.
"عن عامر بن سعد عن أبيه".
قوله:"قريبًا من عَزُوْزَاء": - بالعين غير المعجمة وبالزايين المعجمتين والمد -: موضع بين مكة والمدينة، نزل النبيُّ - عليه السلام - في هذا الموضع للدعاء، ولم يكن خاصية هذا البقعة، بل بوحي أوحي إليه في الدعاء، أو لأمر آخر.
ودعاؤه لأمته في هذا الموضع وإعطاء الله تعالى إياه جميع أمته بثلاث مرات، ليس معناه أن يكون جميع أمته مغفورين بحيث لا يصيبهم عذاب؛ لأن هذا نقيض لكثير من الآيات والأحاديث الواردة في تهديد آكل مال اليتيم والربا والزاني وشارب الخمر وقتل النفس بغير حق وغير ذلك.
بل معناه: أنه سأل أن تخصَّ أمتُهُ من بين الأمم بأن لا تمسخ صورهم بسبب الذنوب، وأن لا يخلدهم في النار بسبب الكبائر، بل يخرج من النار من مات في الإسلام بعد تطهيره من الذنوب، وغير ذلك من الخواص التي خصَّ الله تعالى أمته - عليه السلام - من بين سائر الأمم.