شرًا فوجبت له النارُ، أنتم شُهداءُ الله في الأرض".
وفي روايةٍ: "المؤمنونَ شهداء الله في الأرضِ".
قوله: "مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا" الضمير في (مروا) وفي (أثنوا) ضميرُ الصحابة.
"وجبت"؛ أي: وجبت الجنة، ووجبت النار.
قوله: "أنتم شهداء الله في الأرض" ليس معنى هذا أنَّ ما يقول الصحابة والمؤمنون في حق شخص من استحقاقه الجنة أو النار يكون كذلك؛ لأن مَن يستحق الجنة لا يصير من أهل النار بقول أحد، ولا مَن يستحق النار يصير من أهل الجنة بقول أحد.
بل معناه: أن الذي أثنوا عليه خيرًا رأوا منه الخير والصلاح في حياته، والخير والصلاح من علامة كون الرجل من أهل الجنة، وأن الذي أثنوا عليه الشرّ رأوا منه الشر والفساد، والشرُّ والفساد من علامة دخول النار، فشهد النبي - عليه السلام - للأول بالجنة، وللثاني بالنار.
وتأويل قَطْعِه - عليه السلام - للأول بالجنة، وللثاني بالنار: أنه أَطْلَع الله تعالى نبيَّه - عليه السلام - على أن الأول من أهل الجنة، والثاني من أهل النار، وليس هذا الحكم عامًا في كلِّ مَن شهد له جماعةٌ بالجنة أو بالنار، ألا ترى أنه لا يجوز أن يُقطع بكون واحد أنه من أهل الجنة أو من أهل النار، وإن شهد له بالجنة أو بالنار جمعٌ كثير، بل نرجو الجنَّةَ لمن شهد له جماعةٌ بالخير، ونخاف النار لمن شهد له جماعة بالشر.
* * *
١١٨٤ - وقال عمر - رضي الله عنه -: عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما مسلمٍ شَهِدَ له أربعةٌ بخيرٍ أَدخلهُ الله الجنَةَ"، قلنا: وثلاثةٌ: قال: "وثلاثةٌ"، قلنا: واثنان؟ قال: "واثنانِ"،