للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالظَّالِمِينَ (٩٥) تهديد لهم وتنبيه على انهم ظالمون في دعواهم.

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ اللام لام القسم والنون لتأكيد القسم وتجد من افعال القلوب مفعوله الاول ضمير الغائب ومفعوله الثاني احرص- وبتنكير حيوة أريد فرد من افرادها وهى المتطاولة وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا- معطوف على الناس من حيث المعنى كانه قال احرص من الناس ومن الذين أشركوا او على احرص ويكون متعلقا بمحذوف دل عليه ما قبله يعنى احرص من الذين أشركوا- وافرادهم بالذكر مع دخولهم في الناس للمبالغة والاهتمام كما في عطف جبرئيل على الملائكة فان حرص المشركين شديد إذ لم يعرفوا الا الحيوة الدنيا وزيادة حرصهم على الدنيا مع اعراضهم عن الاخرة وهم عالمون بالجزاء بخلاف المشركين دليل على كمال مصابرتهم على النار ففيه زيادة توبيخ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ قيل لو مصدرية بمنزلة ان الّا انها لا تنصب فهو مفعول يود وقال البيضاوي لو بمعنى ليت وكان أصله لو اعمّر فاجرى على الغيبة لقوله يود كقولك حلف بالله ليفعلن- فحينئذ كلمة التمني حكاية لو دادهم فحذف مفعول يود لما يدل عليه ما بعده وفيه بيان لزيادة حرصهم على سبيل الاستيناف ويحتمل ان يكون جملة يود صفة لمبتدأ محذوف والظرف المستقر يعنى من الذين أشركوا خبره تقديره ومن الّذين أشركوا أناس يودّ أحدهم لو يعمّر الف سنة- والمراد من الذين أشركوا اليهود القائلون عزير ابن الله- وقال ابو العالية والربيع أراد بالذين أشركوا المجوس فان تحية بينهم- زى هزار سال- فقال سبحانه اليهود احرص الناس فهم احرص من المجوس والمجوس يريد تعمير الف سنة- واصل سنة سنوة بدليل سنوات وقيل سنهة- وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ بمباعده مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ ضمير هو راجع الى أحدهم وان يعمر فاعل مزحزحه والمعنى وما أحدهم بمن يزحزحه من العذاب تعميره او الى مصدر يعمر ويعمر بدل منه- او ضمير مبهم ان يعمر تفسيره- فان قيل طول العمر في الدنيا مباعد للعذاب الأخروي البتة فكيف يحكم بعدم التبعيد- قلت لما كان الف سنة بل تمام عمر الدنيا بالنسبة الى الاخرة المؤبدة كساعة من النهار او كلمح البصر بالنسبة الى الزمان المتناهي لم يعتد التبعيد الحاصل بتعمير الف سنة تبعيدا إذ المراد بنفي تبعيده من العذاب تبعيده بالعمل الصالح ففيه زيادة توبيخ حيث لا يزيدهم طول عمرهم الا العذاب وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٢) فيجازيهم- قرا يعقوب بالتاء للخطاب مع اليهود والباقون بالياء للغيبة انتهى-

<<  <  ج: ص:  >  >>