والخلوة لكنه قد يكون عند الصوفي على خلاف الطبع فيثقل عليه ويزعمه الصوفي فى بادى الرأي ان هذا أحط مرتبة من التوجه الى الله تعالى والخلوة به ولهذا قيل الولاية به أفضل من النبوة يعنى ولاية النبي أفضل من نبوة ذلك النبي زعما من القائل ان فى الولاية التوجه الى الله سبحانه وفى النبوة التوجه الى الخلق وقال المجدد الف ثانى رضى الله عنه ليس هذا القول مبنيا على التحقيق بل النبوة مطلقا أفضل من الولاية وهى عبارة عند الصوفية عن السير فى الذات والولاية عن السير فى الصفات
وشتان ما بينهما والتوجه الى الله سبحانه تعالى يسمى فى الاصطلاح بالعروج والى الخلق يسمى بالنزول وكلاهما يعترضان للصوفى فى كلا السيرين غير ان النازل فى مقام الولاية وان كان له توجها الى الخلق لكنه لم يبلغ فى العروج غاية فهو ملتفت الى الأعالي طمعا لغاية الكمال والنازل فى مقام النبوة لا يكون نازلا الا بعد ما يبلغ الكتاب فى الكمال اجله فهو بكلية يتوجهه الى الخلق للتكميل على مراد الله سبحانه تعالى وان كانت على خلاف مراده وطبعه فهو أفضل وأكمل وهذا الجهاد باق ما دامت هذه النشأة الثانية الباقية وبعد فراغ منها يتادى باملهم الى الرفيق الأعلى فحينئذ يتوجه بكليته الى الدرجات العلى بأجره واجر من اهتدى به على سبيل الأكمل والا وفى والله تعالى اعلم وجملة انا سنلقى اما تذئيل وتأكيد لما سبق كما ذكرنا او معترضة لبيان الحكمة فى الأمر بقيام الليل فان فى القيام تمرين النفس على المشفة ومشق مخالفات الطبع او لان الصلاة كانت قرة للنبى صلى الله عليه وسلم حيث قال جعلت قرة عينى فى الصلاة رواه احمد والنسائي والبيهقي عن انس وقال أقم الصلاة يا بلال أرحنا به رواه ابو داود عن رجل صحابى عن خزاعة فحينئذ يكون فى التهجد تحصيل ما يعالج به ثقل التوجه الى الخلق او لان لقيام الليل تأثير التأثر نفسه لشريعة فى نفوس الامة كى يجيبوا دعوته حين يستمعوا قوله كما أجاب الجن دعوته حين يستمعوا القران او لان لقيام الليل مدخل فى قيامه مقام الشفاعة لانه حيث قال الله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا.
إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ اى قيام الليل مصدر جاء على فاعلة كعافية بمعنى العفو كذا قال الأزهري وقالت عائشة الناشية قيام الليل بعد النوم فهو بمعنى التهجد وقال ابن كيسان هى القيام من اخر الليل وقال سعيد بن جبير وابن زيد اى ساعة قام من الليل فقد نشأ وهو بلسان الحبش نشأ فلان اى قام وقال عكرمة هى القيام من أول الليل قال البغوي روى عن على بن الحسين رضى الله تعالى عنهما انه كان يصلى بين المغرب والعشاء الاخرة يقول