للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول يعنى قال ابراهيم ومن معه ربنا عليك توكلنا وهو متصل بما قبل الاستثناء إذ هو امر من الله للمؤمنين تتميما لما وصّهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفار تقديره قولوا ربنا عليك توكلنا وتركنا موالاة الكفار والاستنصار بهم وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ المرجع.

رَبَّنا كرّ النداء بربنا لتاكيد المناجاة والاستعطاف لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا يعنى لا تسلطهم علينا فيعذبونا فيواخذونا بذلك فتكون فتنة لهم اى سببا لعذابهم وقال الزجاج يعنى لا تظهرهم علينا فيظنوا انهم على الحق وقال مجاهد لا تعذبنا بايديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك وَاغْفِرْ لَنا ما فرط منا فان المعاصي قد يكون سببا لتسليط الكفار على المؤمنين رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يقدر أحد على إيصال الشر بمن يجيره ويتوكل عليه الْحَكِيمُ الحاكم العالم المقتدر على اجابة الدعاء.

لَقَدْ كانَ لَكُمْ ايها المؤمنون فِيهِمْ اى فى ابراهيم ومن معه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تكرير لتاكيد الحث على التأسي ولذلك صدر بانفسهم لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ اى يرجوا لقاء الله وثوابه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ط اى يرجوا إتيان يوم القيامة وقوله لمن كان بدل من لكم وفيه ايماء الى ان الايمان يقتضى التأسي به عليه السلام وتركه يوذن بسوء العقيدة ولذلك عقبه بقوله وَمَنْ يَتَوَلَّ عن تأسي الأنبياء ويوالى الكفار فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عن عبادة وعن تأسي رسله وعن كل شىء وانما منفعة التأسي بالأنبياء راجع الى المتاسى الْحَمِيدُ ع لاوليائه ولاهل طاعة قال البغوي قال مقاتل فلما امر الله تعالى بعداوة الكفار دعادى المؤمنون اقربائهم وأظهروا لهم العداوة والبراءة علم الله تعالى شدة وجد المؤمنين بذلك انزل الله بتسليتهم قوله.

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ يعنى كفار مكة مَوَدَّةً ط فانجز الله وعده قريبا فان الاية نزلت قبل الفتح كما ذكرنا وبعد الفتح اسلم كل من كان بمكة وصاروا اولياء الا من قتل منهم يوم الفتح كالحو يرث بن نفيد وغيره وسميناهم فى سورة النصر فان قيل كلمة الذين عاديتم عام تقتضى موالاة جميعهم وقد قتل منهم كافرا قلنا قد يطلق العام ويراد به الخاص مجازا ألم تسمع قولهم ما من عام إلا وقد خص منه البعض وقد يسند الفعل الى الكل مجازا لوجود المسند اليه فيهم كما فى قوله تعالى فكذبوه فعقروها وَاللَّهُ قَدِيرٌ ط على ذلك وعلى كل شىء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لما فرط من موالاتهم قبل النهى ولما بقي من قلوبهم من ميل الرحم اخرج البخاري عن اسماء بنت ابى بكر قالت أتتني أمي راغبة فسالت النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلها قال نعم

<<  <  ج: ص:  >  >>