للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحيث يحجوا ويعتمروا مطمئنين لا يخالطهم أحد من المشركين الذي ذكر إنجازها فى سورة المائدة بقوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وتمام النعمة هذه مسبب للفتح فتح مكة وصلح الحديبية- وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً فى تبليغ الرسالة واقامة مراسم الملك والنبوة والرياسة قيل معنى يهديك يهدى بك وقيل معنى يهديك يثبتك عليه او المعنى ليجتمع لك مع الفتح تمام النعمة بالمغفرة والهداية الى كمال الدين بحيث لا يجوز نسخه بعد ذلك-.

وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ فان قيل ينصرك الله معطوف على يغفر وهو مترتب على الفتح اما لكونه مسببا عن جهاد الكفار وبذل السعى- واما لكونه سببا للشكر والاستغفار المقدرين فلا بد ان يكون النصر ايضا مترتبا على الفتح وليس كذلك بل هو سبب للفتح سابق عليه قلنا ان كان المراد بالفتح صلح الحديبية فالصلح امتثالا لامر الله تعالى سبب للنصر الذي هو سبب للفتح وان كان المراد منه فتح مكة فالآية وعد بالفتح والوعد سبب للنصر السابق على الفتح كما لا يخفى- نَصْراً عَزِيزاً يعنى معزا يعزبه المنصور فوصفه بوصفه مبالغة او المعنى نصرا فيه عز ومنيعة روى الشيخان فى الصحيحين والترمذي والحاكم عن انس قال قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم انّا فتحنا لك فتحا مبينا الى اخر الاية مرجعه من الحديبية وأصحابه فخالطوا الحزن والكآبة- فقال عليه السلام نزلت علىّ اية هى احبّ الىّ من الدنيا فلما تلى نبى الله صلى الله عليه وسلم قال رجل من القوم هنيئا مريا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بنا فنزلت.

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ الى قوله فوزا عظيما والمراد بالسكينة الثبات والطمأنينة على امتثال امر الله تعالى من صلح الحديبية فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ حتى شيبتوا حيث تعلق النفوس وتدحض الاقدام حين جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ متعلق بانزل- قال الضحاك يقينا مع يقينهم يعنى برسوخ العقيدة واطمينان النفس عليها وقال الكلبي هذا فى امر الحديبية حين صدق الله رسوله الرؤيا بالحق قال ابن عباس بعث الله رسوله بشهادة ان لا اله الا الله فلما صدقوه زادهم الصلاة ثم الزكوة ثم الصوم ثم الحج ثم الجهاد ثم أكمل لهم دينهم فكلما أمروا بشىء فصدقوه ازدادوا تصديقا الى تصديقهم وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعنى ليس الأمر بالصلح بالحديبية لضعف بالمسلمين بل لما يقتضيه علمه تعالى وحكمته وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها قوله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>