للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكرير للتأكيد والدلالة على تطاول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم وليس فى قراءة ابن مسعود كلمة من قبله لَمُبْلِسِينَ اللام فارقة وقيل ان نافية واللام بمعنى الا والمعنى وما كانوا من قبله الا آيسين.

فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ يعنى اثار الغيث من النبات والأشجار والحبوب والثمار ولذلك جمعه ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي وقرأ الجمهور اثر رحمت الله مفردا على ارادة الجنس كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بالانبات بَعْدَ مَوْتِها اى يبسها إِنَّ ذلِكَ الذي قدر على احياء الأرض بعد موتها لَمُحْيِ الْمَوْتى يحييهم بعد ما يميتهم فما وجه انكاركم ايها الكفار بعد ما تشاهدون ما يماثله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ان نسبة قدرته الى جميع الممكنات على السواء.

وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً موجبا ليبس الأرض فَرَأَوْهُ اى راوا الأثر او الزرع فانه مدلول عليه بما تقدم مُصْفَرًّا واللام جواب قسم مقدر لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ بنعمة الله جواب للقسم سدّ مسد الجزاء مبنية حال الكفار لقلة تثبتهم وعدم تدبرهم وسرعة تزلزلهم لعدم تفكرهم وسوء رأيهم- والنظر السوي يقتضى ان يتوكلوا على الله ويلتجئوا اليه بالاستغفار إذا احتبس المطر عنهم ولا ييئسوا من رحمة الله. وان يبادروا الى الشكر والاستدانة بالطاعة إذا أصابهم برحمته ولا يفرطوا فى الاستبشار وان يصبروا على بلائه إذا ضرب بزرعهم آفة ولا يكفروا نعمه.

فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى «١» وهم مثلهم لسدهم عن الحق مشاعرهم وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ قرأ ابن كثير لا يسمع بالياء على الغيب على البناء للفاعل من المجرد ورفع الصم والجمهور على صيغة الخطاب من الافعال ونصب الصم الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ


(١) اخرج مسلم عن انس رض بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثة ايام حتى جيفوا ثم أتاهم فقام يناديهم فقال يا امية بن خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة هل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا فسمع عمر صوته فجاء فقال يا رسول الله تناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون يقول الله إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى فقال والّذى نفسى بيده ما أنتم باسمع منهم ولكنهم لا يطيقون ان يجيبوا- وروى مثله عن ابن عمر قلت إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الموتى تسمع كلام الحي فمعنى قوله تعالى إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى باختيارك وقدرتك كما أنت تسمع الحىّ على ما جرى به عادة الله تعالى لكن الله تعالى يسمع الموتى كلام الاحياء إذا شاء او انك لا تسمع الموتى سماعا تترتب عليه الفائدة ١٢ منه نور الله مرقده-

<<  <  ج: ص:  >  >>