مغنيا عن الخير بما تضمنه من الحدث واما على تنزيل عسى الله ان يأتي منزلة عسى ان يأتي الله لان كليهما بمعنى واحد فالتقدير عسى ان يأتي الله بالفتح وعسى ان يصبحوا الا على تقدير كون يأتي خبر عسى لانه حينئذ لا بد من الضمير فى خبر عسى عائدا الى اسمه وجاز ان يقال لفظة الله فى قوله اقسموا بالله مظهر فى موضع الضمير والله اعلم عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ استبطنوه من النفاق وموالاة الكفار فضلا عما أظهروه مما أشعر على نفاقهم نادِمِينَ خبر ليصبحوا والجار والمجرور متعلق به.
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا قرأ الكوفيون بالواو ويقول بالرفع على انه كلام مبتدأ وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر بغير واو وهكذا فى مصاحفهم ويقول بالرفع على الاستيناف كانه فى جواب قائل يقول فماذا يقول المؤمنون حينئذ وقرأ ابو عمرو ويعقوب بالواو ويقول بالنصب على انه معطوف على يصبحوا والمعنى إذا جاء الله بالفتح يصير المنافقون نادمين ويقول المؤمنون متعجبين او على احتمالات اخر ذكرناها فى فيصبحوا والتقدير عسى ان يأتي الله بالفتح وقول المؤمنين كذلك او عسى ان يأتي الله بالفتح او عسى ان يقول المؤمنون او عسى الله ان يقول المؤمنون أهؤلاء المنافقون الذين اقسموا به تعالى كذلك أَهؤُلاءِ يعنى المنافقين الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ اى أغلظها مصدر قائم مقام الجملة الواقعة حالا تقديره اقسموا بالله يجتهدون جهدا ايمانهم ولذلك جاز كونه معرفة او منصوب على المصدرية من اقسموا لانه بمعناه إِنَّهُمْ اى المنافقين لَمَعَكُمْ هذه الجملة جواب للقسم يعنى يقول المؤمنون بعضهم لبعض تعجبا من حال المنافقين حيث كانوا يقسمون بانهم لمع المؤمنين وتبجّحا بما منّ الله عليهم من الإخلاص او يقولون لليهود فان المنافقين كانوا يحلفون لليهود بالمعاضدة ويقولون لهم ان أخرجتم لنخرجن معكم وان قوتلتم لننصرنكم حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ
فى الدنيا والاخرة هذه الجملة اما من مقولة المؤمنين او من مقولة الله تعالى شهادة لهم بحبوط أعمالهم وخسرانهم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ «١» قرأ نافع
(١) عن قتادة انه قال انزل الله هذه الاية وقد علم انه سيرتد مرتدون من الناس فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم ارتد عامة العرب عن الإسلام الا ثلثة مساجد اهل المدينة واهل مكة واهل جواثا من عبد القيس وقال الذين ارتدوا نصلى الصلاة ولا تزكى والله لا يغصب أموالنا فكلم ابو بكر فى ذلك يتجاوز عنهم وقيل اما انهم لو قد فقهوا أدوا الزكوة فقال والله لا افرق بين شىء جمعه الله لو منعونى عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه فبعث الله بعصائب مع ابى بكر فقاتلوا حتى قتلوا وأقروا بالماعون وهو الزكوة قال قتادة فكنا نتحدث ان هذه الاية نزلت فى ابى بكر وأصحابه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابو الشيخ والبيهقي فى سننه وابن عساكر ١٢ منه (فائده) لم يوجد قتال مع المرتدين الا فى زمن ابى بكر وقد لامه الصحابة وكرهوا ذلك القتال فى الابتداء فلم يخف لومتهم ثم حمدوه فى الانتهاء ١٢ منه وعن ابى موسى الأشعري قال قلت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسوف يأتي الله بقوم يحبونه ويحبهم قال هؤلاء من اهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون ثم من تجيب وعن القاسم ابن محمره قال أتيت عمر فرجت فى ثم تلا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ثم ضرب على منكبى وقال احلف بالله انهم لمنكم اهل اليمن ثلثا أخرجه البخاري فى تاريخه قلت وقع قتال عسكر ابى بكر مع اهل الردة بامداد اهل اليمن ١٢ منه