للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ بَوَّأْنا اى أنزلنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ اى منزلا صالحا يعنى مصر وقيل الأردن وفلسطين وهى الأرض المقدسة الّتي كتب الله ميراثا لابراهيم وذريته وقال الضحاك هى مصر والشام وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى اللذائذ فَمَا اخْتَلَفُوا اى بنوا إسرائيل الذين كانوا فى زمن النبي صلى الله عليه وسلم فى امر محمّد صلى الله عليه وسلم قبل مجيئه بل كان كلهم متفقين على انه رسول الله منعوت بصفات مكتوبة فى التورية مبشرين الناس بقرب ظهوره مستفتحين به على الذين كفروا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى معلومهم وهو محمّد صلى الله عليه وسلم كالخلق بمعنى المخلوق فى قوله تعالى هذا خَلْقُ اللَّهِ او المعنى حتّى جاءهم العلم بانه هو بمطابقة صفاته بما ذكرت فى التورية وظهور معجزاته فحينئذ اختلفوا فامنت طائفة منهم وكفرت طائفة عنادا وحسدا إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣) فيميّز المحق من المبطل بالانجاء والإهلاك.

فَإِنْ كُنْتَ ايها الإنسان فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ من القران والهدى على لسان رسولنا محمّد صلى الله عليه وسلم فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ قال ابن عباس ومجاهد والضحاك يعنى من أمن من اهل الكتب كعبد الله بن سلام وأصحابه يشهدون لك انه موعود فى التورية والإنجيل مطابق فى قصصه واصول أحكامه بالكتب المتقدمة- فهذا خطاب مع اهل الشك من الناس- وكان الناس فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مصدق ومكذب وشاك- وفيه تنبيه على انه من خالجه شبهة فى الدين ينبغى ان يتسارع الى حلها بالرجوع الى الصالحين من اهل العلم- وقيل هذا خطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الفرض والتقدير او لزيادة تثبيته يدل عليه ما اخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال بلغنا انه صلى الله عليه وسلم قال لا أشك ولا اسئل- وقيل خطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره على عادة العرب فانهم قد يخاطبون الرجل ويريدون به غيره كقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ خاطب به النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به المؤمنون بدليل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً حيث لم يقل بما تعمل- وقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ- وقال الفراء علم الله سبحانه ان رسوله صلى الله عليه وسلم غير شاكّ لكنه ذكره على عادة العرب يقول أحدهم لعبده ان كنت عبدى فاطعنى ويقول لولده ان كنت ولدي فافعل كذا ولا يكون ذلك على وجه الشك لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ يعنى ما أنزلنا إليك امر ثابت متحقق مِنْ رَبِّكَ ثبت ذلك عندك بالآيات الواضحة والبراهين القاطعة

<<  <  ج: ص:  >  >>