فانزل الله تعالى هذه الاية ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا انا نصارى يعنى وفد النجاشي الذين قدموا مع جعفر وهم سبعون وكانوا اصحاب الصوامع وقال مقاتل والكلبي كانوا أربعين رجلا اثنان وثلثون من الحبشة وثمانية من اهل الشام وقال عطاء كانوا ثمانين رجلا أربعون من اهل نجران من بنى الحارث واثنان وثلثون من اهل الحبشة وثمانية من اهل الشام روميون واخرج ابن ابى شيبة وابن ابى حاتم والواحدي من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وابى بكر بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير مرسلا قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن امية الضمري وكتب معه كتابا الى النجاشي فقدم على النجاشي فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا جعفر بن ابى طالب والمهاجرين معه وأرسل الى الرهبان والقسيسين ثم امر جعفر ابن ابى طالب فقرأ عليهم سورة
مريم فامنوا بالقران وقاضت أعينهم من الدمع فهم الذين انزل فيهم لتجدن أقربهم مودة الى قوله فاكتبنا مع الشاهدين وروى ابن جرير وابن ابى حاتم عن سعيد بن جبير قال بعث النجاشي فلاس رجلا من خيار أصحابه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه سورة يس فبكوا فنزلت فيهم الاية واخرج النسائي عن عبد الله بن الزبير قال نزلت هذه الاية فى النجاشي وأصحابه.
وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ وروى الطبراني عن ابن عباس نحوه ابسط منه قلت ونزول الاية فى النجاشي او فى الذين وفدهم لا يقتضى اختصاصهم بهذا الحكم فان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص المورد قوله وإذا سمعوا عطف على لا يستكبرون وهو بيان لرقة قلوبهم وشدة خشيتهم ومسارعتهم الى قبول الحق وعدم تابيهم عنه والفيض هو انصباب عن امتلاء فوضع موضع الامتلاء للمبالغة او جعلت أعينهم من فرط البكاء كانها تفيض بانفسها وتفيض فى موضع النصب على الحال....
لان الروية بمعنى الابصار وقيل من للابتداء والظاهر انها للتعليل اى من أجل الدمع مِمَّا عَرَفُوا من للابتداء او للتعليل اى من أجل المعرفة وما موصولة يعنى من الذي عرفوه كائنا مِنَ الْحَقِّ من اما للبيان او للتبعيض يعنى انهم عرفوا بعض الحق فابكاهم فكيف إذا عرفوه كله قال ابن عباس فى رواية عطاء به يريد بالسامعين النجاشي وأصحابه قرأ عليهم جعفر بالحبشة كهيعص فما زالوا يبكون حتى فرغ جعفر من القراءة يَقُولُونَ حال من الضمير الفاعل فى عرفوا رَبَّنا آمَنَّا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما انزل عليه منك والمراد