ذكرا مصدر بمعنى المفعول يعنى- او كذكركم أشد مذكورية من ابائكم- او التقدير كونوا أشد ذكرا لله منكم لابائكم فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ يعنى من كان طمعه الدنيا فقط وهم المشركون المنكرون للبعث يقولون رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حذف المفعول الثاني ايماء على التعميم يعنى اتنا في الدنيا كل شىء او كل ما تعطيناه آتناه في الدنيا- كان المشركون لا يسئلون في الحج الا الدنيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) من نصيب.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً التنكير للتعظيم يعنى حسنة عظيمة هو اخلاص العمل لله والعافية ويحتمل ان يراد به جنس الحسنة عموما والنكرة في الإثبات قد تعم بمصاعدة المقام والقرينة كما في قوله صلى الله عليه وسلم تمرة خير من جرادة يعنى كل تمرة خير من كل جرادة- فاعطاء التمرة في جزاء قتل الجرادة يكفى للمحرم فهذه الاية نظير ما ورد في السنة اللهم انى أسئلك من الخير كله عاجله واجله ما علمت منه وما لم اعلم وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وهى رضوان الله تعالى او كل شىء من نعماء الاخرة وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) بالعفو والمغفرة روى البغوي بسنده عن انس رضى الله عنه قال راى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد صار مثل الفرخ فقال هل كنت تدعو الله بشىء او تسئله إياه قال يا رسول الله كنت أقول اللهم ما كنت معاقبى به في الاخرة فعجله لى في الدنيا فقال سبحان الله لا تستطيعه او لا تطيقه هلا قلت رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ وعنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر ان يقول رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ- متفق عليه وعن عبد الله بن السائب انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن بنى جمح والركن الأسود رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ- رواه ابو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وابن ابى شيبة- وروى ابو الحسن بن الضحاك عن انس رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دعا بمائة مرة يفتح بها ويختم بها رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ولو دعا بدعوتين لجعلها أحدهما- وروى تقى بن مخلد عنه قال- كان في أول دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي وسطه وفي آخره اللهم اتنا في الدّنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النّار.
أُولئِكَ اشارة الى القريق الثاني وقيل إليهما لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا سمى الدعاء كسبا لانه من الأعمال