لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا من الملائكة الى الأنبياء ومنهم الى الأمم بِالْبَيِّناتِ بالحجج والمعجزات وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ لتبين الحق من الباطل والعمل الصالح من الفاسد والحلال من الحرام وَالْمِيزانَ اى العدل وقال مقاتل بن سليمان وهو ما يوزن به وانزاله إنزال الأمر بالاستعمال ليسوى به الحقوق وقيل ان جبرئيل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه الى نوح وقال مرقومك يزنوا به لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ج بالعدل وان لا يظلم أحد أحدا علة لانزال الكتاب والميزان وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ روى عن ابن عمر يرفعه ان الله انزل اربع بركات من السماء الى الأرض الحديد والنار والماء والملح وقال اهل المعاني معنى قوله تعالى أنزلنا الحديد انشأنا وأحدثنا اى اخرج لهم الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه وقال قطرب هذا من النزل كما يق انزل الأمير على فلان نزلا حسنا فمعنى الاية جعل ذلك نزلا لهم ومثله قوله تعالى وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج فِيهِ بَأْسٌ اى حرب شَدِيدٌ فان آلات الحرب متخذة منه وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ إذ ما من صنعة الا والحديد آلتها وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ عطف على محذوف اى لتقاتلوا فى سبيل الله أعدائه وليعلم الله مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ وجاز ان يكون اللام صلة لمحذوف اى وأنزله ليعلم الله وجاز ان يكون معطوفا على مفهوم فيه بأس شديد تقديره وأنزلنا الحديد لان فيه بأسا شديدا وليعلم الله بِالْغَيْبِ ط حال من المستكن فى ينصره إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ على إهلاك من أراد هلاكه عَزِيزٌ ع لا يحتاج الى نصره أحد وانما امر الناس بالجهاد تفضلا على الناس ليبتغوا به مرضات الله واستوجبوا ثواب امتثال الأمر وإعزاز الدين او الشهادة.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ بيان وتفسير لما سبق من قوله تعالى ولقد أرسلنا رسلنا وخصا بالذكر بفضلهما وكثرة ذريتهما وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ يعنى فضلناهما بجعل النبوة والكتاب فى ذريتهما فان الكتب الاربعة التوراة والإنجيل والزبور والفرقان أنزلت فى ذرية ابراهيم وهو من ذرية نوح عليهما السلام وذكر فى المدارك عن ابن عباس ان المراد بالكتاب الخط بالقلم يقال كتبت كتابا فَمِنْهُمْ اى من الذرية او من المرسل إليهم وقد دل عليهم الإرسال والفاء للسببية مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ
اى اثار نوح وابراهيم من أرسل إليهم ولا يجوز إرجاع الضمير الى الذرية لان الرسل المقفى بهم كانوا من ذريتهما.