لَلَجُّوا اللجاج التمادي في العناد وتعاطى الفعل المزجور عنه فِي طُغْيانِهِمْ اى في استكبارهم عن الحق وافراطهم في الكفر وعداوة الرسول صلى الله عليه وسلم يَعْمَهُونَ (٧٥) من الهدى حال من فاعل لجّوا وهذه الجملة الشرطية معطوفة على مضمون لا تجئروا اليوم انّكم منّا لا تنصرون فان معناه قيل لهم لا تجئروا إلخ ومضمونه انا لم نرحمهم ولو رحمناهم لتمادوا في الطغيان ولم يتوبوا فكانّ هذا تعليل لعدم الترحم عليهم- اخرج النسائي والحاكم عن ابن عباس قال جاء ابو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أنشدك الله والرحم قد أكلنا العهن والدم فانزل الله تعالى.
وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ يعنى القتل يوم بدر او الجوع فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ يعنى لم يرجعوا الى ربهم بالتوبة بل أقاموا على عتوهم ومضوا على تمردهم- وما استكانوا اما معناه ما استفعلوا لكون فان المفتقر ينتقل من كون الى كون- واما معناه افتعلوا السكون وعلى هذا الالف من إشباع الفتحة وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) يعنى ليس من عادتهم التضرع والخشوع واخرج البيهقي في الدلائل بلفظ ان ابن أثال الحنفي لما اتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أسير خلى سبيله- فاسلم فلحق بمكة ثم رجع فحال بين مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العهن فجاء ابو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الست تزعم انك بعثت رحمة للعالمين قال بلى قال فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت هذه الاية وفي هذه الاية استشهاد على ما سيق فانهم لما لم يتضرعوا بالأخذ بالعذاب فلو رحمناهم وكشفنا عنهم العذاب لم يتضرعوا بالطريق الاولى- فان قيل ما ذكرت في تفسير الاية يدل على انه تعالى لم يكشف عنهم العذاب الّذي أخذ به مترفيهم وقد قال البغوي دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قريش ان يجعل عليهم سنين كسنى يوسف فاصابهم القحط فجاء ابو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنشدك الله والرحم الست تزعم انك بعثت رحمة للعالمين قال بلى فقال قد قتلت الآباء