اى العبد او الفرقان لِلْعالَمِينَ اى للانس والجن عامة وعموم الرسالة من خصائصه صلى الله عليه وسلم نَذِيراً اى منذرا او انذارا كالنكير بمعنى الإنكار وهذه الجملة وان كانت فى حيز الإنكار لاهل مكة المخاطبين بها ولا بد من ان تكون الصلة معلومة لكنها لقوة دليلها أجريت مجرى المعلوم.
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى سلطانه والموصول بدل من الاول وجاز الفصل بين البدل والمبدل منه بقوله ليكون لان المبدل منه اى الموصول مع الصلة وقوله ليكون من متعلقات الصلة تعليل له فكان المبدل منه لم يتم الا به وجاز ان يكون الموصول مرفوعا بتقدير المبتدا اى هو او منصوبا بتقدير اعنى او امدح وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً كما زعم النصارى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ كما يقول المجوس والثنوية اثبت له الملك مطلقا ونفى ما يقاومه فيه ثم نبّه على ما يدل عليه فقال وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ يعنى أحدث كل شىء مراعى فيه التقدير كخلقه لانسان من مواد مخصوصة على صور وإشكال معينة فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً فسواه وهيأه لما أراد منه من الخصائص والافعال كتهية الإنسان للادراك الفهم والنظر والتدبير واستنباط الصنائع المتنوعة وفراولة الأعمال المختلفة او المعنى فقدره للبقاء الى أجل مسمى وقد يطلق الخلق لمجرد الإيجاد من غير نظر الى وجه الاشتقاق فيكون المعنى وأوجد كل شىء فقدره فى إيجاده حتى لا يكون متفاوثا وقيل قدر لكل شىء تقديرا من الاجل والعمل والرزق فجرت المقادير على ما خلق ولمّا تضمّن الكلام اثبات التوحيد والنّبوة أخذ فى البرد على من انكرهما فى بيان نقص الهتهم الباطلة فقال.
وَاتَّخَذُوا اى المنذرون «١» يدل عليه قوله نذيرا والمراد كفار مكة والجملة معطوفة على قوله تبارك مِنْ دُونِهِ اى غير الله من زائدة وهو فى محل النصب على الحال من قوله آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً من الجواهر والاعراض والأعمال والأحوال صفة لالهة وَهُمْ يُخْلَقُونَ حيث خلق الله كل شىء وهذا المعنى يعم الالهة الباطلة كلها وان كان المراد بالالهة الأصنام فجاز ان يكون المعنى وهم ينحتون ويصورون اى حصلت لهم صورهم يكسب عبدتهم والجملة معطوفة على ما سبق او حال أورد صيغة المضارع والمعنى على الماضي للاستحضار وَلا يَمْلِكُونَ اى لا يقدرون لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا اى دفع ضراريد بهم ان يّسلبهم الذّباب شيئا لا يستنقذوه منه وَلا نَفْعاً
(١) وفى الأصل اى المنذر بن يدل عليهم إلخ الفقير الدهلوي.