للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب ما أمكن تحصيل العلم من الادلة القطعية والعمل بها وفيما لا يوجد دليل قطعى فالعقل يحكم الجزم والاحتياط يوجب العمل بدليل ظنى اى ما يفيد غلبة الظن بطريق صحيح مثلا إذا ثبت بدليل ظنى ان الوتر واجب وان صلوة الضحى سنة وان البنج حرام وان البيع بشرط فاسد ممنوع وليس هاهنا دليل قطعى يعارض هذا الظن فالعقل يحكم ان لا يترك الوتر ولا يشرب البنج ولا يباع بالشرط الفاسد مخافة العذاب وان يصلى الضحى رجاء للثواب لان احتمال جلب المنفعة عند تيقن عدم المضرة كان للاتيان واحتمال المضرة كاف للاجتناب كما ان احتمال الحية فى الحجر كاف للاجتناب عن وضع الأصابع هناك وايضا ثبت بالادلة القطعية من الأحاديث المتواترة بالمعنى بإجماع الامة وبقوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين وقوله تعالى فاعتبروا يا اولى الابصار وجوب اتباع أحاديث الآحاد والقياس عند عدم معارضة ما هو أقوى منه فالظن فى المسائل الفقهية انما هى فى الطريق وبعد ثبوت الظن الصحيح وجوب العمل بها ثابت بدليل قطعى واخبار المبتدا والمعاد الثابتة بالنصوص الظنية قطعيات فى القدر المشترك منها موجبة للعلم واما تفاصيلها فغير معارضة بدليل أقوى منه فيجوز استفادة الترغيب او الترهيب منها والله تعالى اعلم وقيل المراد بالحق فى الاية العذاب واللام فى الظن للعهد ومعنى الاية ان ظن الكفار الحاصل بتقليد الآباء او التوهم لا يدفع شيئا من العذاب او لا يدفع العذاب شيئا من الدفع.

فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا يعنى القران او الايمان او عن الاشتغال بذكر الله وَلَمْ يُرِدْ شيئا إِلَّا شهوات الْحَياةَ الدُّنْيا ط اتهمك فيها بحيث كان منتهى همته مبلغ علمه الدنيا فحسب الفاء للسببية والموصول وضع موضع المضمر لتاكيد سببية الاعراض يعنى إذا علمت جهلهم وسفاهتهم وسخافت عقلهم انهم يتبعون الظن ويتركون ما جاءهم من ربهم الهدى ويختارون عبادة حجارة لا تضر ولا تنفع ويتولون عن الاشتغال بالرحمن الواحد القهار فاعرض عنهم حيث لا تفيد دعوتك فيهم فانهم كالانعام بل هم أضل ولما كان بعض حركاتهم وسكناتهم مفيدة فى الدنيا دالة على ادراكاتهم موهمة لهم نصيبا من العقل قال الله تعالى لدفع ذلك الوهم قوله.

ذلِكَ يعنى امر الدنيا وكونها شبهة مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ط يعنى لا يتجاوز علمهم وعقلهم من العلم بالأمور المعاشية والتعقل بها وذلك غير معته به عند الله اعلم ان العلم والعقل كل منهما مخلوقة لله تعالى على حسب ما أراد وليست الأسباب الا أسبابا عادية وليست الأسباب أسبابا حقيقة كما زعمته الفلاسفة فالله تعالى انشأ يخلق العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>