الواو لمطلق الجمع دون الترتيب فلا ينافى كونه سابقا عليه بَيْنَهُمْ اى بين اهل سبا وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها بالأنهار والأشجار والتوسعة على أهلها وهى قرى الشام قُرىً ظاهِرَةً اى متظاهرة تظاهر الثانية من الاولى لقربها منها وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ اى وقدّرنا سيرهم فيها يعنى كانوا يسيرون فيها وإذا ساروا كانوا يبيتون فى قرية ويقيلون فى اخرى وكانوا لا يحتاجون من حمل زاد من سبا الى الشام قيل كانت اربعة آلاف وسبع مائة قرية متصلة من سبا الى الشام قال قتادة كانت المرأة تخرج ومعها مغزلها وعلى رأسها مكتلها فتمتهن بمغزلها فلا تأتى بيتها حتى تمتلى مكتلها من الثمار وكان ما بين اليمن والشام كذلك سِيرُوا فِيها على ارادة القول يعنى قلنا بلسان المقال أو الحال فانهم لما مكنوا من السير كذلك كانوا كانهم أمروا به لَيالِيَ وَأَيَّاماً يعنى متى شئتم ليلا او نهارا آمِنِينَ (١٨) اى حال كونكم لا تخافون عدوّا ولا سبعا ولا جوعا ولا عطفا فبطروا وطغوا ولم يشكروا وقالوا لو كان بين جناتنا ابعد مما هى لكان أجدر ان تشتهيه.
فَقالُوا عطف على جعلنا يا رَبَّنا باعِدْ قرأ ابن كثير وابو عمرو وهشام بعّد بتشديد العين من التفعيل والباقون بالألف من المفاعلة بَيْنَ أَسْفارِنا اى اجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوزات لنركب فيها الرواحل ونتزود الأزواد ونربح فى التجارات ونتفاخر على الناس فعجل الله لهم الاجابة قرأ يعقوب ربّنا بالرفع على الابتداء وبعد بفتح العين والدال على صيغة الماضي كانهم استبعدوا أسفارهم القريبة أشرا وبطرا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالبطر والطغيان عطف على قالوا فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ يتحدث الناس بهم تعجبا وضرب مثل فيقولون تفرقوا أيدي سبا وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ فرقناهم فى كل وجه من البلاد كل تفريق قال الشعبي لمّا غرقت قراهم تفرقوا فى البلاد اما غسان فلحقوا بالشام ومرّ الأزد الى عمان وخزاعة الى تهامة ومرّ ال خزيمة الى العراق والأوس والخزرج الى يثرب وهم ال أنمار وكان الذي قدم منهم المدينة عمرو بن عامر وهو جد الأوس والخزرج إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر لَآياتٍ لعبر ودلالات لِكُلِّ صَبَّارٍ عن المعاصي وعلى البلاء والطاعة