للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حففته بهم اى جعلتهم حافين حوله محيطين به- فيزيد الباء كقولك غشيته وغشيت به وَجَعَلْنا بَيْنَهُما اى وسط الجنتين زَرْعاً (٣٢) يعنى لم يكن بين الجنتين موضع خراب وكانت الجنتان جامعتين للاقوات والفواله على الشكل والترتيب الأنيق.

كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ اى اعطت أُكُلَها اى ثمرها أفرد الضمير لافراد لفظ كلتا وَلَمْ تَظْلِمْ اى لم تنقص مِنْهُ اى من أكلها شَيْئاً يعهد في سائر البساتين فان الثمار يتم في عام وينقص في عام غالبا وَفَجَّرْنا قرأ يعقوب «١» بتخفيف الجيم والباقون بتشديدها- اى شققنا وأخرجنا خِلالَهُما اى وسطها نَهَراً (٣٣) ليدوم شربها ويبقى زهرتها.

وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ قرأ عاصم بفتح الثاء والميم وابو عمرو بضم الثاء واسكان الميم- والباقون بضمهما وكذلك في قوله وأحبط بثمره- قال الأزهري الثمرة تجمع على ثمر يعنى بفتح الثاء والميم- ويجمع الثمر على ثمار ثم يجمع الثمار على ثمر بالضمتين- وفي القاموس الثمرة محركة حمل الشجر وانواع المال- الواحدة ثمره وثمرة وجمعه ثمار وجمع الجمع ثمر وجمع جمع الجمع اثمار والذهب والفضة والنسل والولد- قيل المراد انه كان لصاحب البساتين ثمر اى انواع من المال سوى الجنتين كثيرة مثمرة من ثمر ماله إذا كثر- وقال مجاهد يعنى ذهب وفضة وقال البغوي من قرأ بفتح الثاء فهى جمع ثمرة وما يخرجه الشجر من الثمار الماكولة ومن قرأ بالضم فهى الأموال الكثيرة المثمرة فَقالَ صاحب البستانين لِصاحِبِهِ الفقير المؤمن وَهُوَ يُحاوِرُهُ اى يراجعه في الكلام من حاور إذا راجع أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤) اى حشما وأعوانا وقيل أولادا ذكورا- لانهم الذين ينفرون معه يدل عليه قوله ان ترن انا أقلّ منك مالا وولدا.

وَدَخَلَ الكافر جَنَّتَهُ بصاحبه يطوف به فيها ويفاخره بها- وافراد الجنة لان الدخول يكون في واحدة واحدة- او لاتصال كل واحدة من جنتيه بالأخرى- او سماهما جنة لاتحاد الحائط وجنتين للنهر الجاري بينهما- أو لأن المراد ما هو جنته الّتي منعته من جنة الخلد الّتي وعد المتقون وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ اى ضار لها لعجبه وكفره قالَ ما أَظُنُّ ان تَبِيدَ اى تفنى هذِهِ الجنة أَبَداً (٣٥) لطول أمله وتمادى غفلته واغتراره بمهلته- لعل المراد انه زعم انه لا يزال له الغنى والمال والجنتان ما دام حيّا- والا فليس من عاقل مومنا كان او كافرا يعلم انه لا يموت ويبقى حيا ابدا- او المراد انه قال ذلك بلسان الحال فان الغافلين المنهمكين في الدنيا


(١) هذا ليس بشيء لان يعقوب قرا بالتشديد كالجمهور- والتخفيف مذهب الأعمش- ابو محمد عفا الله عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>