من جلب النفع وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ بالأقوال والعقائد فيجازى على حسبها وضمير الفصل للحصر يدل على ان عيسى ليس له فى حد ذاته سمعا ولا بصرا ولا علما ولا غير ذلك من صفات الكمال بل هى مستعارة من الله تعالى.
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ الغلو التجاوز عن الحد بالإفراط او التفريط فان من جملة الدين الصحيح عند الله الايمان بان عيسى عبد الله ورسوله فاليهود فرطوا فى دينهم وأنكروا رسالته وبهتوا امه والنصارى افرطوا فيه وادعوا له الالوهية وقيل الخطاب للنصارى فقط غَيْرَ الْحَقِّ منصوب على المصدرية اى غلوا باطلا غير الحق وفيه تأكيد والا فالغلو لا يكون الا باطلا وجاز ان يكون حالا من دينكم يعنى لا تغلوا فى دينكم حال كونه غير الحق والغلو فى الدين الباطل الإصرار عليه وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ يعنى أسلافهم الذين ضلوا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فى شريعتهم وَأَضَلُّوا كَثِيراً ممن تابعهم على البدع والضلال وَضَلُّوا بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لما كذبوه وبغوا عليه عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ ٤ يعنى عن دين الإسلام الذي هو ظاهر الحقية وقيل الضلال الاول كفرهم والضلال الثاني اضلالهم غيرهم وقيل الاول اشارة الى ضلالهم عن مقتضى العقل والثاني اشارة الى ضلالهم عما نطق به الشرع.
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ يعنى اليهود عَلى لِسانِ داوُدَ يعنى فى الزبور او المراد بهم اهل ايلة لما اعتدوا فى السبت قال داؤد عليه السلام اللهم العنهم واجعلهم اية فمسخوا قردة وَعلى لسان عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فى الإنجيل او المراد بهم كفار اصحاب مائدة لما لم يؤمنوا قال عيسى عليه السّلام اللهم العنهم واجعلهم اية فمسخوا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ذلِكَ اللعن بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ اى بسبب عصيانهم واعتدائهم ثم فسر العصيان والاعتداء بقوله.
كانُوا لا يَتَناهَوْنَ اى لا ينهى بعضهم بعضا عَنْ مُنكَرٍ يعنى عن معاودة منكرا وعن مثل منكر فَعَلُوهُ او المعنى عن منكر أرادوا فعله فان جريمة ترك النهى عن المنكر يقتضى عذاب كلهم أجمعين عن ابى بكر الصديق رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس إذا راوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك ان يعمهم الله بعقاب رواه الاربعة قال الترمذي حسن صحيح وصححه ابن حبان ولفظ النسائي القوم إذا راوا المنكر فلم يغيروه