للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيانا فاصبحوا فى ديارهم جاثمين.

فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ للهرب بعد نزول العذاب قال قتادة لم ينهضوا من تلك الصرعة وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ اى ممتنعين منه او منتقمين منا.

وَقَوْمَ نُوحٍ قرأ ابو عمر وحمزة والكسائي قوم بالجر عطفا على ثمود يعنى تركنا فى إهلاك قوم نوح اية والباقون بالنصب على انه مفعول بفعل محذوف دل عليه السياق تقديره وأهلكنا قوم نوح مِنْ قَبْلُ اى من قبل قوم لوط وفرعون وجنوده وعاد وثمود إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ خارجين عن الاستقامة بالكفر والمعاصي.

وَالسَّماءَ منصوب بفعل مضمر يفسره بَنَيْناها بِأَيْدٍ اى بقوة وقدرة وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ قال ابن عباس اى قادرون ومطيقون من الوسع بمعنى الطاقة كما فى قوله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها والجملة حال من فاعل بنينا وجملة والسماء عطف على وفى موسى وقال الضحاك معناه به الأغنياء كما فى قوله تعالى عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وفى رواية عن ابن عباس انا لموسعون الرزق على خلقنا وقيل معناه لموسعون السماء او ما بنينها وبين الأرض.

وَالْأَرْضَ فَرَشْناها اى مهدناها ليستقروا عليها والتركيب نحو ما سبق فَنِعْمَ الْماهِدُونَ نحن.

وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ صنفين قلت ليس المراد تعين تعدد التثنية بل المراد تعدد اصناف المخلوقات يعنى خلقنا من كل شىء اصناف ذات عدد فوق الواحد أدناه المثنى بل كل فرد منه ذو جهتين خير من وجه وشر من وجه معدوم بالذات واجب بالغير عاجز بالذات قادر بالغير لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ لكى تذكروا وتعلموا ان التعدد من خواص الممكنات والواجب بالذات لا يقبل التعدد والانقسام واجب وجوده لا يصادم وجوده العدم قادر لا عجز له.

فَفِرُّوا من كل شىء إِلَى اللَّهِ ط بالتوجه والمحبة والاستغراق وامتثال الأوامر وكسب السعادات حتى تخلصوا من النقائص والشرور وتفوزوا بالخيرات وتصعدوا مصاعد القرب والكمال والفاء للسببية فان التذكر والتدبر فى شان الممكنات والواجب تعالى يوجب الفرار منها اليه تعالى وهذه الجملة بتقدير القول من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليرتبط بما بعده يعنى قل يا محمد ففروا الى الله إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ اى من عذابه المترتب على غضبه وهجرانه وبعده وعصيانه نَذِيرٌ مُبِينٌ بين كونه نذيرا من الله تعالى بالمعجزات او مبين ما يجب ان يحذر عنه.

وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ شريكا له فى وجوب الوجود او فى استحقاق العبودية او فى كونه مقصودا لكم ومجبوبا مستغلا به إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ للتاكيدا والاول لتحذير الخواص عن مطلق التوجه والمحبة بغيره تعالى والثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>