او هموا أنفسهم انهم أمنوا من العذاب والفضيحة فضرر خداعهم راجع إليهم دون غيرهم- وَما يَشْعُرُونَ (٩) اى لا يحسّون لتمادى غفلتهم- الشعور الاحساس بالمشاعر الى الحواس جعل رجوع الضرر إليهم كالمحسوس الذي لا يخفى الا على ماؤف الحواس.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ- لا المرض ما يعرض البدن فيخرجه عن الاعتدال ويضعفه ويفضيه الى الهلاك- ويطلق على الاعراض النفسانية من الجهل والحسد والكفر وسوء العقيدة مجازا فانه مانع من نيل الفضائل ومفضى الى الهلاك الابدى- وهم كانوا على أخبث الاعراض النفسانية وكانوا ايضا متالمين على فوت الرياسة واستعلاء شأن المحسودين من المؤمنين فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً بتقوية تلك الاعراض الخبيثة بالختم والرين- وإنزال الآيات- فكلما كفروا باية ازدادوا كفرا- او نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفضيحهم- قرا حمزة بامالة زاد وكذا جاء وشاء- وران- وخاف- وخاب- وطاب- وحاق- حيث «١» وقع وزاغ- فى والنجم وزاغوا في الصف لا غير- سواء اتصلت هذه الافعال بضمير اولا إذا كانت ثلاثية ماضية وتابعه ابن ذكوان على امالة جاء وشاء حيث وقعا وزاد هاهنا خاصة وقيل حيث وقع وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) اى مولم وصف به العذاب مبالغة بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) ما مصدرية- قرأ الكوفيون بالتخفيف اى بكذبهم في قولهم امنّا- والباقون بالتشديد اى بتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم في السّرّ-.
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ- الفساد ضد الصلاح يعمان كل ضار ونافع- وفسادهم في الأرض هيجان الحروب بمخادعة المسلمين وممالاة الكفار عليهم بإفشاء الاسرار وتعويق الناس عن الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقران- قرأ الكسائي وهشام- قيل- وغيض- وجىء- وحيل- وسيق- وسيئت وسىء بالاشمام ووافق ابن عامر في الأربع الاخيرة ووافق نافع في الأخيرين- والمراد بالاشمام هاهنا ان ينحا بكسر فائها نحو الضمة واليا نحو الواو- وقيل بضم الفاء مشبعة- وقيل مختلسا- وقيل بل ايماء بالشفتين الى ضمة مقدرة مع اخلاص الكسرة- والاول أصح والباقون بالكسرة قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) وهم كاذبون ردّ للناصح على سبيل المبالغة بكلمة انما او قالوا ذلك فيما بينهم تصور والفساد بصورة الصلاح لما زين لهم سوء أعمالهم.