أَلَمْ تَعْلَمْ استفهام تقرير أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا يخفى عليه شيء إِنَّ ذلِكَ كله فِي كِتابٍ يعنى اللوح المحفوظ الّذي كتب الله فيه قبل خلق السموات والأرض ما كان وما يكون فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له إِنَّ ذلِكَ اى الإحاطة به او إثباته في اللوح او المحكم بينكم عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠) لان علمه مقتضى ذاته ونسبة المعلومات كلها الى علمه سواء.
وَيَعْبُدُونَ عطف على مضمون ما سبق من الآيات الدالة على وحدانيته تعالى وكمال قدرته يعنى أتعلمون تلك الدلائل الواضحة والبراهين القاطعة في التوحيد والالوهية وهم مع ذلك يعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ الله بِهِ سُلْطاناً اى حجة تدل على جواز عبادته وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ حصل لهم من ضرورة العقل او استدلاله او بالنقل الصحيح المفيد للعلم من المخبر الصادق الّذي دل على صدقه برهان او المتواتر المنتهى الى احدى الحواس الخمس وَما لِلظَّالِمِينَ اى المشركين الذين ارتكبوا مثل هذا الظلم مِنْ نَصِيرٍ (٧١) يمنعهم من عذاب الله.
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ الشرط مع الجزاء معطوف على يعبدون آياتُنا من القرآن بَيِّناتٍ واضحات اتيانا من الله تعالى او واضحات الدلالة على العقائد الحقة والاحكام الالهية تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ اى الإنكار يعنى يظهر في وجوههم اثار الإنكار من العبوس والغيظ وضع المظهر موضع الضمير للدلالة على ان الباعث على الإنكار انما هو شدة كفرهم لا غير ذلك- او المراد بالمنكر ما يقصدونه بالمؤمنين من الشر يَكادُونَ حال من الذين كفروا يَسْطُونَ اى يبطشون او يبسطون إليهم أيديهم بالسوء وأصله من سطا الفرس يسطو إذا قام على رجليه رافعا يديه اما مرحا اى أشرا واما نزوا على الأنثى- وفي القاموس سطا عليه وبه سطوا وسطوة صال او قهر بالبطش بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا يعنى بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه قُلْ لهم يا محمد أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ