عن مضمون الكلام السابق فان مضمون قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وقوله أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وقوله تعالى بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ انهم طعنوا في النبوة فالمعنى انهم طعنوا في النبوة والقران بل اتخذوا الهة ومعنى الاستفهام الإنكار والتوبيخ مِنَ الْأَرْضِ صفة للالهة او متعلقة بالفعل على معنى التبعيض او الابتداء يعنى اتخذوا وصنعوا من جواهر الأرض من حجر او ذهب او فضة او غير ذلك وفائدتها التحقير دون التخصيص وهُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) صفة لالهة اى يحبون الأموات وفيه تحميل الكفار وتهكم بهم فانه لا يستحق العبادة الا من يقدر على الاحياء والاماتة والانعام بأبلغ وجوه النعمة وهم لمّا أشركوا الأصنام في الالوهية فكانّهم ادعوا لها الاحياء ونحوه وذلك ظاهر البطلان- وللمبالغة في ال؟؟؟ كم زيد الضمير الموهم لاختصاص الإنشاء بهم.
لَوْ كانَ فِيهِما اى في السماء والأرض آلِهَةٌ كما زعم المشركون إِلَّا اللَّهُ الّا هاهنا بمعنى غير صفة لالهة وليست للاستثناء لتعذر الاستثناء المتصل والمنفصل لعدم القطع في شمول المستثنى منه المستثنى وعدم شموله فهى محمولة على غير وأعرب ما بعده إعرابه كما يحمل لفظة غير على الّا فيستعمل للاستثناء لَفَسَدَتا لبطلتا ولم يوجدا فانها ان توافقت الالهة في المراد تطاردت عليها القدرة- وان تخالفت فيه تعاوقت عنه وهذه الجملة تعليل للتوبيخ المفهوم من أم المنقطعة فَسُبْحانَ اللَّهِ يعنى اسبح لله سبحانا رَبِّ الْعَرْشِ المحيط بجميع الأجسام الّذي هو محل التدابير ومنشاء المقادير وبمنزلة الدماغ للانسان في العالم الكبير- وانتزهه عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد.
لا يُسْئَلُ الله تعالى عَمَّا يَفْعَلُ لعظمته وقوة سلطانه وتفرده بالالوهية والسلطنة الذاتية- ولانّه كلّما يفعل من فعل فهو تصرف في ملكه والمالك يتصرف في ملكه كيف يشاء لا اعتراض عليه عقلا ولا نقلا وَهُمْ يعنى من في السموات والأرض يُسْئَلُونَ (٢٣) عمّا يفعلون لكون أفعالهم تصرفا في ملك الله سبحانه فلا يجوز الا باذنه واباحته فيسئلون عن ذلك وجملة هم يسئلون حال او معطوفة على ما سبق وجملة لا يسئل مع ما عطف عليه تعليل المضمون الكلام السابق فان من كان مسئولا لا يصلح ان يكون شريكا لمن لا يكون مسئولا.