للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنى الها يعبدونه جَسَداً اى بدنا بدل من عجلا قال ابن عباس والحسن وقتادة وجماعة من المفسرين صوغه السامري فالقى فى فمه من تراب اثر فرس جبرئيل عليه السلام فصار ذا لحم ودم كما قال الله تعالى حكاية عن السامري بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من اثر الرسول فنبذتها الاية وسنذكر قصة السامري وسبب معرفته جبرئيل فى سورة طه إنشاء الله تعالى لَهُ خُوارٌ اى صوت البقر قيل ما خار إلا مرة واحدة وقيل كان يخور كثيرا فكلما خار سجدوا له وإذ سكت رفعوا رؤسهم وقال وهب كان يسمع منه الخوار ولا يتحرك وقال السدى كان يخور ويمشى وقيل كان جسدا من الذهب لا روح فيه صاغه بنوع من الحيل فيدخل الريح فى جوفه فيسمع منه صوت كخوار البقر وهذا القول يرده ما تلونا أَلَمْ يَرَوْا هؤلاء الحمقاء حين اتخذوه الها وعبدوه أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا يعنى لا يقدر على ما يقدر عليه احاد البشر فكيف حسبوه خالق السموات والأرض وما فيهما من الأجسام والقوى اتَّخَذُوهُ تكرير للذم اى اتخذوه الها وَكانُوا ظالِمِينَ اى واضعين الأشياء فى غير مواضعها ومن ثم وضعوا العبادة للعجل فى موضع الاستخدام.

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ سقط مسند الى الظرف وهو كناية من ان اشتد ندمهم فان النادم المتحسر يعض يده غما فيصير يده مسقوطا فيه يقول العرب لكل نادم قد سقط فى يده وقال الزجاج معناه سقط الندم فى أيديهم اى فى قلوبهم وأنفسهم كما يقال حصل فى يده مكروه وان استحال ان يكون فى اليد تشبيها لما يحصل فى القلب والنفس بما يحصل فى اليد ويرى بالعين والحاصل انهم ندموا على عبادة العجل حين جائهم وعاتبهم موسى عليه السلام وَرَأَوْا علموا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا باتخاذ العجل تابوا وقالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا بقبول التوبة وَيَغْفِرْ لَنا بالتجاوز عن الخطيئة قرأ حمزة والكسائي ترحمنا وتغفر لنا بالتاء الفوقانية على الخطاب ونصب ربنا على النداء والباقون بالتحتانية على الغيبة والرفع على الفاعلية لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ بعد انقضاء أربعين ليلة الميقات غَضْبانَ من جهتهم أَسِفاً قال ابو الدرداء يعنى شديد الغضب وقال ابن عباس والسدى شديد الحزن وفى القاموس الأسف أشد الحزن وأسف عليه غضب قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي اى فعلتم فعلا مذموما حيث عبدتم العجل والخطاب لعبدة العجل او قمتم مقامى قياما مذموما حيث لم تكفوا العبدة من بنى إسرائيل والخطاب لهرون

<<  <  ج: ص:  >  >>