عليه وسلم ولو انهم كانوا يعرفون نعماء الله تعالى واستحقاق العبادة له تعالى عليهم لامنوا بالاخرة الّتي فيها جزاء العبادة والانتقام على تركها ولم يستكبروا عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بل اجتهدوا فى طلب سبيل الرشاد.
لا جَرَمَ اى حق حقّا او لا بد او لا محالة- او المعنى ليس على ما ينبغى ما هم عليه من الإنكار والاستكبار كسب الكاسب الحكم أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من انكار النعم واستحقاق العبادة وَما يُعْلِنُونَ من الاستكبار عن العبادة واتباع الرسول فانّ مع جملته على التأويلات السابقة فى موضع الرفع بلا جرم وعلى التأويل الأخير فى محل النصب على المفعولية وفاعل جرم مضمر إِنَّهُ تعالى لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار مثقال ذرة من ايمان فقال رجل يا رسول الله ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا قال ان الله جميل يحب الجمال الكبر من بطر الحق وغمص الناس رواه مسلم عن ابن مسعود قال فى النهاية معنى بطر الحق هو ان يجعل ما جعله الله حقّا من توحيده وعبادته باطلا- وقيل هو ان يتجبر عند الحق فلا يراه حقّا- وقيل هو ان يتكبر عن الحق فلا يقبله قلت حاصل الأقوال ان لا يرى عبادة الله عليه واجبا حيث ينكر العامة عليه بل يرى ما أنعم الله عليه حقّا له على الله تعالى ومعنى غمص الناس اى احتقرهم قلت وجه مقابلة الكبر بالايمان فى الحديث ان المؤمن يرى وجوده وما استتبعه من الكمالات مستعارة من الله تعالى حتّى يرى نفسه عارية عنها فلا يستكبر والكافر يرى وجوده وتوابعه من نفسه فيرى نفسه كبيرا وينسى الكبير المتعال- والفناء المصطلح فى التصوف عبارة عن رؤية نفسه فانيا عاريا عن الوجود وتوابعه برؤيتها مستعارة من الله تعالى والله اعلم-.
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالاخرة- وذلك ان احياء العرب كانوا يبعثون ايام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغهم دعواه النبوة فكان إذا جاء الوافد سال عن مشركى مكة الذين اقتسموا عقابها ايام الموسم ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ماذا منصوب بانزل يعنى اىّ شيء انزل او مرفوع بالابتداء يعنى اىّ شيء أنزله ربكم قالُوا يعنى مشركى مكة هو أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) السطر الصف من