احديّته وتعالى ذاته عن المماثلة بحيث لم يقبل اللبس والمكابرة- وهو تقرير للامر بالعبادة فانه إذا ثبت ان لا أحد مثله ولا يستحق العبادة غيره لم يكن بد من التسليم لامره والاشتغال بعبادته والاصطبار على مشاقها.
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ المراد به الجنس فان قول بعضهم يسند الى الجنس او بعضهم المعهود قال البغوي المراد به ابى ابن خلف الجمحي كان منكرا للبعث روى انه أخذ عظما باليا ففتتها وقال يزعم محمد انا نبعث. بعد ما نموت- فحكى الله تعالى قوله حيث قال أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ من الأرض او من حالة الموت حَيًّا (٦٦) تقديم الظرف وايلاؤه حرف الإنكار لكون المنكر كون ما بعد الموت الحيوة- والظرف متعلق بفعل- دل عليه اخرج لابه لان ما بعد اللام لا يعمل فيما قبله- واللام هاهنا لمجرد التأكيد من غير ارادة معنى الحال- قرأ ابن ذكوان بهمزة واحدة مكسورة على صورة الخبر يحذف همزة الاستفهام في اللفظ والمراد معنى الإنكار والباقون بهمزتين.
أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ قرأ نافع وعاصم وابن عامر بإسكان الذال وضم الكاف مخففك على وزن ينصر والباقون بفتح الكاف والذال مشددا أصله بتذكّر أدغمت التاء في الذال ومعناه يتفكر عطف على يقول أورد همزة الاستفهام بين المعطوف والمعطوف عليه لانكار الجمع بينهما وكان الأصل إدخالها على المعطوف عليه لكن أريد الدلالة على ان المنكر بالذات هو المعطوف وانكار المعطوف عليه انما نشأ منه أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) أصلا مع ان إيجاز المعدوم الصرف اعجب من جمع المواد بعد التفريق وإيجاد مثل ما كان فيها من الاعراض.
فَوَ رَبِّكَ اقسم بنفسه مضافا الى نبيه تفخيما لشان النبي صلى الله عليه وسلم والفاء للسببية فان انكارهم البعث سبب لحشرهم مع الشياطين الى جهنم لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ مفعول معه وجاز كونه معطوفا قال البغوي يحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) حال من الضمير المنصوب قال ابن عباس يعنى جماعات جمع جثوة- وقال الحسن والضحاك جمع جاث اى جاتين على الركب- وقال السدىّ قائمين على الركب بضيق المقام قلت يحضر الله حول جهنم جميع الناس السعداء والأشقياء ليزداد السعداء غبطة وسرورا حين يرون ما نجاهم الله منه ويزداد الأشقياء وحسرة وغيظا من رجوع السعداء عنهم الى دار الثواب اخرج عبد الله بن احمد في زوائد الزهد والبيهقي عن عبد الله ابن نابتة قال قال رسول الله