عقاب الله تخلعت أوصاله فلا يشدها الا الاسر وإذا ذكر رحمة الله تراجعت- وفى القصة ان الوحوش والطير كانت تستمع الى قراءته فلمّا فعل ما فعل كانت لا تصغى الى قراءته فروى انها قالت يا داود ذهبت خطيئتك بحلاوة صوتك-.
يا داوُدُ تقديره وقلنا يا داود معطوف على قوله فغفرنا له ذلك إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ استخلفناك على الملك او جعلناك خليفة «١» ممن قبلك من الأنبياء العالمين بالحق فَاحْكُمْ الفاء للسببية بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ اى بحكم الله وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى عطف على فاحكم اى لا تتبع ما يهويه نفسك فَيُضِلَّكَ منصوب فى جواب النهى عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى عن دلائله التي نصبها الله على الحق فيه دليل على انه من اتبع هواه اختل رايه وضل فى اجتهاده كما ترى فى اثنين وسبعين فرقة ممن يدعى الإسلام إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦) اى بسبب نسيانهم يوم الحساب فان تذكر ذلك اليوم يقتضى ملازمته ومخالفة الهوى والجملة مستأنفة-.
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا لا حكمة فيه او ذوى باطل يعنى مبطلين عابثين او للباطل الذي هو متابعة الهوى بل للحق الذي هو الاستدلال على وجود الصانع وشكر نعمته بامتثال أوامره وانتهاء مناهيه جملة معترضة وكذلك قوله ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا حيث ينكرون البعث وينكرون ثواب المطيع لمن خلق وعذاب
(١) عن عمر بن الخطاب انه سال طلحة والزبير وكعبا وسلمان ما الخليفة من الملك فقال طلحة والزبير ما ندرى فقال سلمان الخليفة الذي يعدل فى الرعية ويقسم بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على اهله ويقضى بكتاب الله فقال كعب ما كنت احسب ان فى المجلس أحدا يعرف الخليفة من الملك غيرى. وعن سلمان ان عمر قال له انا ملك او خليفة فقال سلمان ان أنت جئت من ارض المسلمين درهما او أقلّ او اكثر ثم وضعته فى غير حقه فانت ملك غير خليفة فاستعبر عمر- وعن سليمان بن ابى العوجاء قال قال عمر بن الخطاب ما أدرى اخليفة انا أم ملك قال قائل يا امير المؤمنين ان بينهما فرقا قال ما هو قال الخليفة لا يأخذ الا حقا ولا يضعه الا فى حق وأنت بحمد الله كذلك والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطى هذا فسكت عمر- وعن معاوية انه كان يقول إذا جلس المنبر يا ايها الناس ان الخلافة ليست بجمع المال ولا بتفريقه ولكن الخلافة العمل بالحق والحكم بالعدل وأخذ الناس بامر الله منه رحمه الله