أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يعنى عبد الله بن سلول وأصحابه يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ فى الكفر او الصداقة والموالات الَّذِينَ كَفَرُوا جهارا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وهم اليهود من بنى النضير والقريظة وقد ذكرنا قصة عبد الله بن سلول انه أرسل الى بنى النضير رسولين وقال لا تخرجوا ان معى الفين يدخلون معكم حصنكم واخرج ابن ابى حاتم عن السدى انه قال اسلم ناس من بنى قريظة وكان منهم منافقون نزلت فيهم هذه الاية وعلى هذا المراد بالاخوة فى النسب فكان المنافقون يقولون لبنى النضير لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ من دياركم من المدينة لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ اى فى قتالكم او خذلانكم أَحَداً يعنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ يعنى ان قاتلكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون لَنَنْصُرَنَّكُمْ عليهم وَاللَّهُ يَشْهَدُ حال من فاعل يقولون إِنَّهُمْ اى المنافقون لَكاذِبُونَ منصوب بتقدير القول يعنى والله يشهد ويقول انهم لكاذبون او هو متعلق بيشهد بتضمن القول ثم بين كذبهم بقوله.
لَئِنْ أُخْرِجُوا اى اليهود لا يَخْرُجُونَ اى المنافقون جواب للقسم لفظا وجزاء للشرط معنى وكذا قوله تعالى لا ينصرونهم مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ ج وفيه معجزة حيث كان الأمر فى المستقبل كذلك فان بنى نضير اخرجوا ولم يخرج معهم عبد الله بن ابى بن سلول ولا منافقوا قريظة وقريظة قوتلوا وقتلوا لم ينصرهم منافقوا مدينة وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ على الفرض والتقدير وقال الزجاج معناه لو قصدوا نصر اليهود لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ منهزمين ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ اى كفار اليهود ولا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصروهم وجاز ان يكون ضمير لا ينصرون راجعا الى المنافقين.
لَأَنْتُمْ ايها المسلمون أَشَدُّ رَهْبَةً اى مرهوبة فِي صُدُورِهِمْ اى المنافقين مِنَ اللَّهِ حيث يومنون باللسان دون القلب مخافة الناس دون الله تعالى العالم بما فى الصدور ذلِكَ الخوف منكم دون الله تعالى بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ اى لا يعرفون الله تعالى وعظمته وان الله تعالى هو النافع والضار وافعال العباد انما هى مخلوقة له تعالى فهو الحقيق بان يخشى دون غيره.
لا يُقاتِلُونَكُمْ اى الكفار والمنافقون جَمِيعاً اى مجتمعين على عزم واجتهاد ولا لقاء الله تعالى الرعب فى قلوبهم إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ بالاروب والخناديق يعنى لا يبرزون لقتالكم رهبة منكم أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ ط قرأ ابن كثير وابو عمرو جدارا بكسر الجيم وفتح الدال والف بعدها على التوحيد وامال ابو عمر وفتح الدال والباقون بضم الجيم والدال على الجمع بَأْسُهُمْ يعنى صبرهم وشجاعتهم بَيْنَهُمْ يعنى فى مقابلة