للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِآياتِنا

كان الأصل لا تتبع أهواءهم وضع المظهر موضع المضمر للدلالة على ان مكذب الآيات متبع الهوى لا غير وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ غيره من الأصنام ونحوها ولما سال المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عما حرمه الله تعالى بعد ظهور بطلان قولهم فى التحريم قال الله تعالى

قُلْ يا محمد تَعالَوْا امر من التعالي وأصله فيمن كان فى علو يقول لمن كان فى سفل ثم اتسع فيه بالتعميم أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ ما موصولة او مصدرية منصوبة باتل او استفهامية منصوبة بحرم والجملة مفعول اتل يعنى اتل اى شىء حرم ربكم عَلَيْكُمْ متعلق بحرم او اتل اسم فعل للاغراء بمعنى الزموا أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ ان مصدرية على تقدير كون عليكم بمعنى الزموا والا فمفسرة بفعل التلاوة يعنى اتل عليكم لا تشركوا وجاز ان يكون مصدرية فى محل الرفع تقديره المتلو ان لا تشركوا او فى محل النصب تقديره أوصيكم ان لا تشركوا ويؤيد هذا التقدير قوله تعالى ذلكم وصيكم وان يكون ان مصدرية ولا زائدة ومحلها النصب على انه بدل من الموصول او من عائده المحذوف وتقديره حرم عليكم ان تشركوا او محلها الرفع تقديره المحرم ان تشركوا به شَيْئاً من الإشراك جليا ولا خفيا او شيئا من الالهة الباطلة وَأحسنوا بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً

معطوف على لا تشركوا وضع الأمر موضع النهى عن الاساءة إليهما للمبالغة والدلالة على ان ترك الاساءة فى شانهما غير كاف وترك الإحسان بهما اساءة وان كان لا فى لا تشركوا زائدة فالتقدير حرم عليكم ان تشركوا وان تسيئوا بالوالدين بل أحسنوا إحسانا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ «١» يعنى لا تئدوا البنات مِنْ خشية إِمْلاقٍ فقر نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ فى حديث معاذ أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال لا تشرك بالله وان قتلت وحرقت ولا تعقن والديك وان امراك ان تخرج من أهلك ومالك الحديث رواه احمد


(١) عن على بن ابى طالب قال لما امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يعرض نفسه على قبائل العرب خرج الى منى وانا معه وابو بكر وكان ابو بكر رجلا نسابة فوقف على منازلهم ومضاربهم بمنى فسلم عليهم وردوا السّلام وكان فى القوم مغروق بن عمر وهانى بن قبيصة والمثنى بن حادثة والنعمان ابن شريك وكان اقرب القوم الى ابى بكر مفروق قد غلب عليهم بيانا ولسانا فالتفت الى رسول الله عليه وسلم فقال الى ما تدعونا يا أخا قريش فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام ابو بكر يظله بثوبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أدعوكم الى شهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وانى رسول الله ولا توذونى وتضربونى وتمنعونى حتى أؤدي عن الله الذي أمرني به فان قريشا قد تظاهرت على امر الله وكذبت رسوله واعانت الباطل على الحق والله هو الغنى الحميد قال له والى ما تدعونا ايضا يا أخا قريش فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ان لا تشركوا به شيئا الى قوله تتقون قال له مفروق والى ما تدعونا ايضا يا أخا قريش فو الله ما هذا من كلام اهل الأرض ولو كان من كلامهم لعرفناه فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يأمر بالعدل والإحسان الاية فقال له مفروق دعوت والله يا قرشى فى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد افك قومك كذبوك وظاهروا عليك وقال هانى بن قبيصة قد سمعتك مقالتك واستحسنت قولك يا أخا قريش وأعجبني ما تكلمت به ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تلبثوا الا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم وأولادهم يعنى ارض فارس وانهار كسرى ويفرشكم نباتهم تسبحون الله وتقدسونه قال له النعمان بن شريك اللهم وانى ذلك لك يا أخا قريش فتلا له رسول الله صلى الله عليه وسلم انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يد ابى بكر ١٢ [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>