للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصول الى الحق على التبتل لانه هو المقصود بالتبتل وانما قلنا انه عبارة عن الوصول لان الذكر الذي لا يتطرق اليه الفتور ولا يستعقبه الذهول هو العلم الحضوري إذ لا يتصور ذلك فى العلم الحصولى بداهة والعلم الحضوري عبارة عن حضور نفس المعلوم عند العالم وذلك يعبر بدوام الحضور والوصول والاتصال والاتحاد والبقاء ونحو ذلك بألفاظ شتى وكانت الأوائل يعبرون عنها بالإخلاص قال ابن عباس وغيره فى تفسير هذه الاية أخلص الله إخلاصا وانما قال واذكر اسم ربك ولم يقل واذكر ربك لان الملازم للتبتل الذي هو المعبر بالفناء وانما هو علم الأسماء والصفات دون العلم المتعلق بالذات فانه بعد وراء الوراء ويحتمل ان يكون المراد بالذكر الذكر باللسان بموافقة القلب وبدوام الذكر الدوام العرفي بمعنى الإكثار بقدر الطاقة البشرية وذلك يفضى الى التبتل ووسيلة اليه بشرط الاجتباء عن الله تعالى كما يكون للانبياء والافراد من الأولياء او جذب من الشيخ وعلى هذا وجه التقديم على التبتل بأظهر تقدم طبعا واعلم ان على هذا التأويل فى قوله تعالى واذكر اسم ربك اشارة الى تكرير اسم الذات وفى قوله تعالى.

رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ على قرأة الجر اشارة الى التصور احاطته تعالى بالممكنات ذكر النفي والإثبات وكلا التكريرين اساسان بطريقة ارباب كمالات الولايات وعلى هذا التأويل يثبت المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه اعنى قم الليل ورتل القران واذكر اسم ربك ويظهران كلا من الأمور الاربعة الصلاة وتلاوة القران وذكر اسم الذات والنفي والإثبات مدار لحصول مراتب القرب والدرجات غير ان الأولين لاهل الانتهاء والآخرين لاهل الابتداء وانما قدم الأولين على الآخرين لان المخاطب اولا هو النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل اهل الانتهاء والله تعالى اعلم رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو وحفص بالرفع على انه خبر مبتداء محذوف اى هو رب المشرق والمغرب او مبتداء خبره لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وقرأ الباقون بالجر على البدل من ربك وقيل بإضمار حرف القسم وجوابه لا اله الا هو فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا الفاء للسببية فان كونه ربا لجميع المخلوقات وتوحده بالالوهية يقتضى ان يوكل اليه الأمور كلها وفى هذه الاية دفع توهم ان التبتل عن الخلق يوشك ان يخل فى أموره المعايشة فان الإنسان مدنى الطبع لا يستغنى بعضهم عن بعض فابطل هذا الوهم بانه تعالى رب المشرق والمغرب وما بينهما من العباد والبلاد وأفعالهم ومنافعهم والقلوب كلها بيده يصرفها

<<  <  ج: ص:  >  >>