للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزئى على من هو أفضل منه وعلى ان الفاضل ينبغى ان يطلب هذه الحصة من الفضل من المفضول ولا يستنكف عنه لما مرّ في تفسير هذه الاية ان موسى سال ربّه اىّ عبادك اعلم قال الّذي ينبغى علم الناس الى علمه عسى ان يصيب كلمة تدله على هدى ويروه عن ردى- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلمة»

الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها- رواه الترمذي وابن ماجة بسند حسن عن ابى هريرة وابن عساكر عن على رضي الله عنهما- ومن هذا الباب الصلاة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم- قال البغوي في بعض الاخبار انه لمّا قال له موسى ذلك قال له الخضر كفى بالتورية علما وبنى إسرائيل شغلا فقال له موسى ان الله أمرني بهذا وقد راى موسى عليه السلام في هذا الكلام غاية التواضع والأدب واستجهل نفسه واستأذن ان يكون تابعا له وساله ان يرشده وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه فحينئذ.

قالَ له الخضر إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ قرأ حفص بفتح الياء والباقون بإسكانها صَبْراً (٦٧) نفى الخضر عن موسى استطاعة الصبر معه على وجوه من التأكيد كانها مما لا يصح ولا يستقيم- وعلّل ذلك واعتذر عنه بقوله.

وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) اى علما وخبرا تميزا ومصدر لان لم تحط به معناه لم تخبره وجه ذلك النفي ان الخضر علم انه يرى منه أمورا منكرة ظاهرا ولا يجوز للانبياء ان يصبروا على المنكرات مالم يظهر عليهم وجه جوازها- قلت والسر في ذلك ان شرائع الأنبياء المرسلين الى الأمم مبنية على قواعد كلية موجبة للصلاح الغالب بالنسبة الى العامة- فينبغى ان يكون وجوه صلاحها ظاهرة بالنسبة الى العامة- واما الاحكام الّتي يوحى بها افراد الأنبياء الذين لم يبعثوا الى الأمم بل اوحى إليهم لصلاح أنفسهم او امتثال امور بينهم وبين الله تعالى فان تلك الاحكام تكون غالبا مبنية على حكمات لا يظهر وجه صلاحها على العامة- وذلك وجه انكار موسى على ما اتى به الخضر وبناء على مخالفة المشرب (وكون اتحاد المشرب والانقياد وترك الاعتراض من شرائط الاستفادة) جعل الخضر عدم استطاعته على الصبر علة لعدم إفادة صحبة الخضر إياه- ووضع العلة موضعه كانّه قال صحبتى لا ينفعك فانّك لن تستطيع معى صبرا.

ومن هاهنا قالت الصوفية العالية انه يجب على المريد ترك الاعتراض على الشيخ وان ظهر على يديه منكر ظاهرا بعد ما ثبت عنده انه من اهل الكمال والتكميل فان كان المريد لا يستطيع ذلك لاجل اختلاف المشرب يجب عليه


(١) الكلمة الحكمة هو من باب وجل عدل وروى الكلمة الحكيمة وكلمة الحكمة بالاضافة ١٢ الفقيه الدهلوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>