إنشاء الايمان والدخول فيه وانما قالوا ربنا ليكونوا مومنين فيما بينهم وبين الله لا كالمنافقين فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ يعنى مع امة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون للرسل على سائر الأمم قالوا ذلك لانهم وجدوا ذكر امة فى الإنجيل كذلك او المعنى مع الشاهدين بنبوته وبان القران حق من عند الله تعالى والشهادة ما يكون عن صميم القلب ولذلك قال الله تعالى فى المنافقين والله يشهد ان المنافقين لكاذبون ففيه تنزيه لانفسهم عن النفاق ثم أظهروا الحجة على ان ايمانهم ايمان الشهداء لا المنافقين بقولهم.
وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا على لسان محمّد مِنَ الْحَقِّ يعنى القران وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا الجنة مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ اى مع مؤمنى امة محمد صلى الله عليه وسلم الذين قال الله تعالى فيهم ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر انّ الأرض يرثها عبادى الصّالحون قوله ما لنا مبتدأ وخبر ولا نؤمن حال اى غير مؤمنين كقولك مالك قائما ونطمع معطوف على نؤمن يعنى ما لنا لا نؤمن ولا نطمع او عطف على نؤمن اى ما لنا نجمع بين عدم الايمان والطمع فانهما متنافيان فان الطمع مع عدم الايمان باطل او خبر مبتدأ محذوف اى نحن والواو للحال وجملة ونحن نطمع حال من ضمير الفاعل فى نؤمن وفيه انكار واستبعاد لانتفاء الايمان مع قيام موجبه وهو الطمع فى انعام الله تعالى وقيل جواب سوال ذكر البغوي ان اليهود عيّرهم وقالوا لم أمنتم فاجابوا وقيل انهم لما رجعوا الى قومهم لاموهم فاجابوا بذلك ويرد عليه انه كيف جاء الجواب بالعاطف والجواب مبنية للفصل وغاية التوجيه ان يقال تقديره مالك لا تؤمن وما لنا لا نؤمن.
فَأَثابَهُمُ اللَّهُ اى جزاهم الله بِما قالُوا بعد خلوص الاعتقاد المدلول عليه بقوله ترى أعينهم تفيض من الدمع بما عرفوا من الحق وقيل القول يستعمل فى قول عن اعتقاد يقال هذا قول فلان اى معتقده جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الجنات جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ الذين يعبدون الله تعالى بكمال الخشوع والحضور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحسان ان تعبد ربك كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ثم ذكر جزاء الكافرين المكذبين كما هو داب المثاني والقران العظيم من الجمع بين الترغيب والترهيب ولما كان فيما مضى ذكر التصديق بالقلب ومعرفة الحق مع الإقرار باللسان عقبه بما يضاده