سَبَّحَ لِلَّهِ ذكر هاهنا وفى الحشر والصف بلفظ الماضي وفى الجمعة والتغابن بلفظ المضارع اشعارا بان التسبيح لله تعالى من مخلوقاته مستغرق بجميع الأوقات لا يختلف باختلاف الحالات ومجىء المصدر مطلقا فى بنى إسرائيل ابلغ فى هذه الدلالة والتسبيح يتعدى بنفسه لان معناه التنزيه والتبعيد من السوء منقول من سبح إذا ذهب وبعد وقد يتعدى باللام مثل نصحته ونصحت له وجاز ان يكون تعديته باللام للاشعار بان إيقاع الفعل ثبت لاجل الله وخالصا لوجهه الكريم ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ط يعم ذوى العقول وغيرهم وقيل المراد منه ما يأتي منه التسبيح ويصح وقيل المراد بالتسبيح من الجمادات ونحوها التسبيح الحالي يعنى دلالتها على تنزه الصانع تعالى عن السوء والصحيح ان شيئا من الموجودات لا يخلو عن نوع من الحيوة والعلم كما حققناه فى تفسير سورة البقر فى قوله تعالى وان منها لما يهبط من خشية الله فالتسبيح منها مقالى ايضا وان من شىء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ حال يشعر بما هو المبتدا للتسبيح.
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ج فانه هو الموجد لها والمتصرف فيها والجملة اما حال من مفعول سبح او مستانفة يُحْيِي وَيُمِيتُ استيناف او خبر لمحذوف اى هو او حال من المجرور فى له وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الاحياء والاماتة وغيرهما قَدِيرٌ تام القدرة.
هُوَ الْأَوَّلُ قبل كل شىء ليس قبله شىء فانه هو الموجد للاشياء محدثها كلها وَالْآخِرُ الباقي بعد فناء الأشياء ولو بالنظر الى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها فان وجوده تعالى اصل لا يحتمل الانفكاك والزوال ووجود غيره مستعار فى حكم الله وجود بالنظر الى ذاته فهو الاخر بعد كل شىء ليس بعده شىء وَالظَّاهِرُ فوق كل شىء ليس فوقه فى الفهور شىء فان منشاء الظهور الوجود ولا ظهور للمعدوم ووجود كل شىء مستفاد منه وظل لوجوده فظهور كل شىء فرع لظهوره غير انه تعالى لكمال ظهوره وشعشان وجوده اختفى عن الابصار لقصورها كما اختفى الشمس عن عين الخفاش واختفى الشمس ايضا فى تصف النهار لشدة الظهور وكمال النور عن أعين الناس فمن ادنى تميز يعترف بوجوده تعالى