بينهما انه يذهب توفيق العمل بالعلم اولا كما تراه فى زماننا- ثم يذهب العلم مطلقا بقبض العلماء كما ترى قلة العلم فى ذلك الزمان الى هذا الغاية بقلة العلماء وبعد ما كان كثيرا بكثرة العلماء وقلة توفيق التعليم والتعلم والله اعلم- اخرج ابن إسحاق وابن جرير من طريق سعيد او عكرمة عن ابن عباس قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم فى «١» جماعة يهود سماهم فقالوا كيف نتّبعك وقد تركت قبلتنا وان هذا الّذي جئت به لا نراه متناسقا كما تناسق التورية فانزل علينا كتابا نقرؤه نعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتى به فانزل الله تعالى.
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ فى البلاغة وحسن النظم وكمال المعنى لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ اى لا يقدرون على ذلك وفيهم العرب العرباء وارباب البيان والشعراء واهل التحقيق والبلغاء- وهو جواب قسم دل عليه اللام الموطئة ولولا هى لكان جواب الشرط بلا جزم لكون الشرط ماضيا وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اى لبعضهم ظَهِيراً (٨٨) عونا ومظاهرا على الإتيان به وقال البغوي نزلت الاية حين قال الكفار لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا فكذّبهم الله- وفيه معجزة حيث كان كما اخبر الله تعالى به- ولم يقدروا على إتيان اقصر سورة منه مع كمال حرصهم على المعارضة- قال البيضاوي لعله لم يذكر الله تعالى الملائكة لان إتيانهم بمثله لا يخرجه عن كونه معجزة ولانهم كانوا وسائط فى إتيانه- قلت المراد بالإتيان الإتيان من عند أنفسهم على سبيل المعارضة والمجادلة من غير وحي من الله تعالى ولا شك ان الملائكة ايضا لا يقدرون على إتيان كلام مثل كلام غير مخلوق- لكنهم لم يذكروا لان الإتيان المذكور كفر انما يتصور من المنكر- والملائكة معصومون يؤمنون به ولا يتصور منهم الإنكار والله اعلم وجاز ان يكون الاية تقريرا لقوله لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا....
وَلَقَدْ صَرَّفْنا كررنا بوجوه مختلفة فى التقرير والبيان لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ من كل معنى