أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بل الله سبحانه يراه حين أنفق رياء وفى معادات النبي صلى الله عليه وسلم فيسأل من اين اكتسبه واين أنفقه فيجازيه وينتقم منه كذا قال سعيد بن جبير وقتادة وقال الكلبي انه كان كاذبا فى افتخاره وقوله أنفقت كذا وكذا لم يكن أنفق جميع ما قال وهذه الجملة بعد قوله أيحسب ان لن يقدر عليه أحد تأكيد التوبيخ والإنكار بمنزل النكير ثم عد الله سبحانه نعمه ليقره وليكون دليلا وتقريرا على كون الله سبحانه مقتدرا على انتقامه فقال.
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يبصر بهما.
وَلِساناً يتكلم به وَشَفَتَيْنِ ليستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والاكل والشرب والنفخ قال البغوي جاء فى الحديث ان الله عز وجل يقول ابن آدم ان نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فاطبق وان نازعك بصرك على ما حرمت عليك فقد امنتك عليه بطبقتين فاطبق وان نازعك فرجك اى ما حرمت عليك فقد أعنتك بطبقتين فاطبق.
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ج يعنى الثديين كذا روى محمد بن كعب عن ابن عباس وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك وقال اكثر المفسرين طريقى الخير والشر والحق والباطل والهدى والضلال يعنى أظهرنا له الخير من الشر بايجاد العقل فيه وإرسال الرسل فمن ضل واختار طريق الشر بعد ذلك فلا عذر له.
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ قيل لا هاهنا ليس على معناها فانها لا تدخل على الماضي الا مكررا فهى بمعنى هلا والمعنى فهلا اقتحم العقبة بانفاق ماله فيما يجوز به العقبة من الطاعات فيكون خيرا له من إنفاقه فى عداوة النبي صلى الله عليه وسلم والجملة معطوف يقال أهلكت مالا لبدا وقيل هاهنا تكرار تقدير التعدد معنى العقبة فكان تقديره فلا فك رقبة ولا اطعم مسكينا ولا كان من الذين أمنوا فلا هاهنا بمعناها والجملة معطوف على جواب القسم يعنى لقد خلقنا الإنسان فى كبد التكليفات فلا اقتحم ما كلف به دكان عليه الاقتحام وإتيان ما خلق لاجله او معطوفة على مضمون الم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة بإتيان الطاعات حتى يكون شكر النعم وصرفا للنعمة فيما ينبغى والعقبة فى الأصل الطريق فى الجبل استعير هاهنا لمشاق التكاليف واقتحامها الدخول فيها وهذا معنى قول قتادة وقيل اقتحامها التجاوز عنها والخروج من عهدة ما وجب عليه فانه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها واشتغال الذمة بالواجبات بالغفلة فاذا أعتق رقبة او اطعم مسكينا يزكوة ماله كان كمن