بانفسهما أسند الجعل الى الظلمة مع كونها عدميا والعدم لا يتعلق به الجعل نظرا الى كونها منتزعا من محل مخلوق وجمع الظلمات لكثرة اجرام حاملة لها بالنسبة الى الاجرام النورانية فالنور بالنسبة الى الظلمة كل واحد بالنسبة الى المتعدد وقال الحسن جعل الظلمات والنور يعنى الكفر والايمان فعلى هذا أورد الظلمات بلفظ الجمع دون النور لتعدد طرق الكفر واتحاد طريقة الايمان عن ابن مسعود رض قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعوا اليه ثم قرأ ان هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله رواه احمد والنسائي والدارمي وقدم الظلمات فى الذكر لتقدمها فى الوجود عن عبد الله ابن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله خلق الخلق فى ظلمة فالقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم على علم الله رواه احمد والترمذي ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ عطف على قوله الحمد لله يعنى انه تعالى حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته او على قوله خلق يعنى انه خلق ما لا يقدر عليه أحد غيره ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شىء أصلا ومعنى ثم استبعاد عدولهم بعد هذا البيان والباء فى بربهم متعلق بكفروا وصلة يعدلون محذوف ليقع الإنكار على الفعل يعنى يعدلون عنه وعلى الثاني متعلق بيعدلون يعنى ان الكفار يعدلون اى يسوون بربهم الأوثان وقال النضر بن شميل الباء بمعنى عن اى عن ربهم يعدلون اى يميلون وينحرفون الى غيره من العدول.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ يعنى ابتدأ خلقكم منه حيث خلق منه أصلكم آدم عليه السّلام او المعنى خلق أباكم آدم بحذف المضاف قال السدى بعث الله تعالى جبرئيل الى الأرض لياتيه طائفة منها فقالت الأرض انى أعوذ بالله منك ان تنقص منى فرجع ولم يأخذ وقال يا رب انها عاذت بك فبعث ميكائيل فاستعاذت فرجع فبعث ملك الموت فعاذت منه بالله فقال وانا أعوذ بالله ان أخالف امره فاخذ من وجه الأرض فخلط الحمراء والسوداء والبيضاء فلذلك اختلف ألوان بنى آدم ثم عجنها بالماء العذب والملح والمر كذلك