دهرا وتناسلوا حتى كثروا- ثم ان اخلافهم عبدوا الأصنام وكفروا فارسل الله إليهم نبيّا يقال له حنظلة بن صفوان وكان حمالا فيهم فقتلوه في السوق فاهلكهم الله وعطلت بئرهم وخربت قصورهم.
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ عطف على محذوف تقديره الم يخرجوا من بيوتهم فلم يسيروا في الأرض فَتَكُونَ منصوب بتقدير ان معطوف على مصدر مدلول تضمنا لقوله أَفَلَمْ يَسِيرُوا- يعنى الم يحصل منهم خروجهم من بيوتهم وسير في الأرض لان تكون لَهُمْ قُلُوبٌ وتكون اما تامة ولهم حال من فاعله- واما بمعنى تصير والظرف خبره وبعده اسمه يَعْقِلُونَ بِها صفة لقلوب والمفعول محذوف والمعنى يعقلون بها ما يجب تعقله من التوحيد بما حصل لهم من الاستبصار والاستدلال أَوْ آذانٌ عطف على قلوب يَسْمَعُونَ بِها الاستفهام للانكار والإنكار راجع الى كون قلوبهم عاقلة بعد السير وآذانهم سامعة للحق وفيه حثّ على التعقل والاستماع فَإِنَّها الضمير للقصة او مبهم يفسره الابصار في قوله تعالى لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وفي تعمى ضمير راجع الى الابصار المقدم رتبة او الظاهر أقيم مقامه- والفاء للتعليل اى تعليل استعقاب السير كون قلوبهم عاقلة وآذانهم سامعة- يعنى ليست أبصارهم عامية حتى لا يروا مشاهد الآثار الأمم الخالية بعد السير ولمّا كان حال الكفار من عدم الاعتبار بعد ظهور الآيات ومشاهدة الآثار شاهدا على ونهم عميانا وموجبا لانكار السامع لابصارهم أكد هذه الجملة بانّ وضمير القصة او الضمير المبهم المفسر بما بعده انزالا للسامع منزلة المنكر لنفى العمى- ثم قال استدراكا لدفع توهم نفى العمى عنهم مطلقا وازاحة لشبهة حارت عقول العقلاء في انهم يرون آيات التوحيد ولا يعتقدون به ويسمعون براهين التحقيق ولا يصغون إليها وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) ذكر الصدور للتأكيد ونفى احتمال التجوّز كما في قوله تعالى طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ وفيه تنبيه على ان العمى الحقيقي ليس المتعارف الّذي يخص البصر- قال قتادة البصر الظاهر بلغة ومتعة وبصر القلب هو البصر النافع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شر العمى عمى القلب رواه البيهقي