مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ انما أورد لفظ الجمع وان كان المنع واقعا على مسجد وأحد لان الحكم عام وان كان المورد خاصا أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ثانى مفعولى منع كما في قوله تعالى وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ- او الخافض محذوف اى من ان يذكر او منصوب على العلية اى كراهة ان يذكر وَسَعى فِي خَرابِها بالتعطيل عن ذكر الله فانهم لما منعوا من يعمّره بالذكر فقد سعوا في خرابه وكذا ذكر البغوي عنه وعن عطاء- وذكر عن قتادة والسدى ان المراد بمن مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ ... وَسَعى فِي خَرابِها طيطوس بن اسبسيانوس الرومي وأصحابه حملهم بغض اليهود على معاونة بخت نصر البابلي المجوس فغزوا اليهود فقتلوا مقاتليهم وسبوا ذراريهم وحرّقوا التورية وخربوا بيت المقدس وذبحوا فيه الخنازير والقوا فيه الجيف وكان بيت المقدس موضع حج النصارى ومحل زيارتهم- قلت ولعل الغرض من ذلك تعيير النصارى بما فعل اباؤهم وهم به راضون كما ان الغرض من ذكر ما صدر من أسلاف اليهود من عبادة العجل وغير ذلك تعييرهم أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ فى علم الله وقضائه أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ فيه وعد للمؤمنين بالنصر واستخلاص المساجد منهم وقد أنجز الله وعده حين فتح مكة على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وامر النبي صلى الله عليه وسلم مناديا ينادى الا لا يحجن بعد العام مشرك وفتح الروم على عمر بن الخطاب وكان بيت المقدس خرابا فبناه المسلمون- وقيل هذا خير بمعنى الأمر او النهى اى قاتلوهم حتى لا يدخلها أحد منهم الا خائفا من القتل والسبي او لا تمكنوهم من الدخول في المساجد- وقيل المعنى ما كان ينبغى لهم ان يدخلوها الا بخشية وخضوع فضلا عن تخريبها وحينئذ الجملة في محل النصب على الحال من فاعل منع وسعى- لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ قتل وسبى وذلة بضرب الجزية وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) النار المؤبدة بكفرهم وظلمهم.
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ اى له الأرض كلها مشارقها ومغاربها ملكا وخلقا والمخلوقات كلها مظاهر وجوده ومجال نوره وهو نور السموات والأرض وقيم الأشياء فلا يختص به مكان دون مكان- وانما امر القبلة امر تعبدي والتكليف انما هو بقدر الطاقة فاذا لم تقدروا على استقبال القبلة في الفرائض لعدوّ- او اشتبه القبلة وتحريتم فيها وغلطتم فيه- او تحرجتم في نوافل السفر فى النزول عن المراكب والامتناع من السير والنوافل أسهل من امر الفرائض فَأَيْنَما شرط تُوَلُّوا مجزوم به اى الى اى جهة تولوا يعنى وجوهكم والجواب فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اى جهة المأمور