كذا ذكر البغوي قول على رض قال مجاهد الا ليعرفوا والكفار ايضا يعرفون وجوده تعالى حيث قال الله تعالى ولئن سالتهم من خلقهم ليقولن الله وقيل معناه الا ليكونوا عباد الى او ليخضعوا لى ويتذللوا ومعنى العبادة فى اللغة التذلل والانقياد وكل مخلوق من الجن والانس خاضع لقضاء الله تعالى متذلل لمشيته لا يملك أحد لنفسه خروجا عما خلق له وقيل الا ليوحدون اما المؤمنون فيوحدون فى الشدة والرخاء اما الكافرون فيوحدونه فى الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء قال الله تعالى وإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين قال صاحب المدارك الكفار كلهم يوحدون الله فى الاخرة قال الله تعالى ثم لم تكن فتنتهم الا ان قالوا والله ربنا ما كنا مشركين واشراكهم فى الدنيا وهى بعض أحيان وجودهم لا ينافى كونهم مخلوقين للتوحيد قلت والقول ما قال على رض ما سواه اقوال ضعيفة واهية والذي حملهم على ما قالوا ان ظاهر الاية يقتضى انهم خلقوا مرادا منهم الطاعة وتخلف مراد الله تعالى محال وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ميسّر لما خلق له وقال الله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس وقال الكلبي والضحاك والسفيان هذا خاص لاهل الطاعة من الفريقين يدل عليه قراءة ابن عباس ما خلقت الجن والانس من المؤمنين الا ليعبدون وعندى تاويل الاية ما خلقت الجن والانس الا مستعدين العبادة صالحين لها نظيره قوله - صلى الله عليه وسلم - ما من مولود الا يولد على الفطرة فابواه يهود انه وينصرانه ويمجسانه كما تنتهج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول فطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله متفق عليه من حديث ابى هريرة وهذا التأويل يناسب تاويل على رض ومقتضى هذه الاية ذم الكفار لاجل اضاعتهم الفطرة السليمة هى اصل الخلقة.
ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ المراد ان شانه تعالى مع عباده ليس شان السادة مع عبيدهم فانهم انما يملكونهم ليستعينوا بهم فى تحصيل رزقهم وكسب طعامهم والله تعالى منزه عن ذلك وقيل معناه ما أريد منهم ان يرزقوا أحدا من خلقى ولا ان يرزقوا أنفسهم وان يطعموا أحدا من خلقى وينافى هذا التأويل اسناد الطعام الى نفسه وأجيب بان الخلق عيال الله ومن اطعم عيال أحد فقد أطعمه كما جاء فى الحديث يقول الله يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمنى قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال اما علمت انه استطعمك عبدى فلان فلم تطعمه انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى رواه مسلم من حديث ابى هريرة فى حديث ذكر فيه مرضت فلم تعدنى واستسقيتك فلم تسقنى قلت هذا قول بالتجوز ومع ذلك