تجرى فيه النجوم مستدير كاستدارة الطاحونة وقال بعضهم الفلك السماء الّذي فيه ركز الكواكب وكل كوكب يجرى في السماء الّذي قدر فيه وهو قول قتادة وقال الكلبي الفلك استدارة السماء وقال الآخرون الفلك موج مكفوف دون السماء تجرى فيه الشمس والقمر والنجوم قلت والصحيح ان المراد بالفلك السماء والتنوين للدلالة على ان كل واحد منها في فلك واحد من الافلاك وهو السماء الدنيا وان كان مدار الكواكب على أفلاك شتى فالمراد بالفلك الجنس كقولهم كساهم الأمير حلة والله اعلم يَسْبَحُونَ اى يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء والضمير راجع الى الشمس والقمر وانما جمع باعتبار المطالع وجعل واو العقلاء لان السباحة فعلهم والله اعلم اخرج ابن المنذر عن ابى جرع قال لما نعى للنبى صلى الله عليه وسلم نفسه قال يا رب من لامتى فنزلت.
وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ اى الخلود ودوام البقاء في الدنيا أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ قال البغوي نزلت هذه الآية حين قالت الكفار نتربص بمحمد ريب المنون والفاء لتعلق الشرط بما قبله والهمزة للانكار بعد ما تقرر ذلك والجملة معطوفة على مضمون ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد يعنى ثبت انك لست بخالد فان مت افهم الخالدون.
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ اى ذائقة مرارة مفارقتها جسدها هذه الجملة مقررة لقوله تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد وَنَبْلُوكُمْ نعاملكم معاملة المحشر بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ وبالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر وكل ما يحبون وما يكرهون فِتْنَةً اى ابتلاء فهو مصدر من غير لفظه يعنى نبلوكم ابتلاء حتّى يظهر منكم بعد ما تحبونه الشكر او الكفر ان وبعد ما تكرهونه الصبر او الجوع والشكوى وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ فيجازيكم على حسب ما يوجد منكم الصبر والشكر او ضدهما وفيه ايماء بان المقصود من هذه النشأة انما هو الابتلاء والتعريض للثواب او العقاب تقريرا لما سبق اخرج ابن ابى حاتم عن السدى قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على ابى جهل وابى سفيان وهما يتحدثان فلما راه ابو جهل ضحك وقال لابى سفيان هذا نبى من بنى عبد مناف فغضب ابو سفيان وقال ما تنكرون ان يكون من بنى عبد مناف نبى فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فرجع الى ابى جهل فوقع به وخوفه وقال ماراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك فنزلت.