فى معنى الاية انها نزلت فى نمرود الجبار الّذي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ- وذلك انه قال ان كان ما يقوله ابراهيم حقّا فلا انتهى حتّى اصعد السماء فاعلم ما فيها- فعمد الى اربعة افرخ من النسور ربّاها حتّى شب- واتخذنا بوتا وجعل له بابا من أعلى وبابا من أسفل- وقعد نمرود مع رجل فى التابوت ونصب خشبات فى أطراف التابوت- وجعل على رأسها اللحم وربط التابوت بأرجل النسور وخلّاها- فطرن وصعدن طمعا فى اللحم حتّى مضى يوم وابعدن فى الهواء فقال نمرود لصاحبه افتح الباب الأعلى وانظر الى السماء هل قريبا منها- ففتح ونظر فقال ان السماء كهيئتها- ثم قال افتح الباب الأسفل وانظر الى الأرض كيف تراها- ففعل فقال ارى الأرض مثل اللجة والجبال مثل الدخان- فطارت النسور يوما اخر وارتفعت- حتّى حالت الريح بينها وبين الطيران- فقال لصاحبه افتح البابين ففتح الأعلى فاذا السماء كهيئتها وفتح الأسفل فاذا الأرض سوداء مظلمة- ونودى ايها الطاغية اين تريد- قال عكرمة كان معه فى التابوت غلام قد حمل القوس والنشاب- فرمى بسهم فعاد اليه السهم متلطّخا بدم سمكة تذفت نفسها من بحر فى الهواء- وقيل طائر أصابه السهم فقال كفيت بشغل اله السماء- قال ثم امر نمرود صاحبه ان يصرف الخشبات وينكس اللحم ففعل- فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال خفيف التابوت والنسور- ففزعت وظنّت ان قد حدث حدث من السماء وان الساعة قد قامت وكادت تزول عن أماكنها- فذلك قوله تعالى وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ- وهذه القصة يأبى عنه العقل ولم يثبت بنقل يعتمد عليه- وقرا الجمهور بلام مكسورة والنصب فان حينئذ اما نافية واللام لام جحود لتأكيد النفي كقوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ- او مخففة من الثقيلة واللام لام كى وكان تامة- والجبال مثل لامر النبي صلى الله عليه وسلم وآيات الله والشرائع- والمعنى على الاول وما كان مكرهم مزيلا للجبال وعلى الثاني انهم مكروا وثبت مكرهم ليزيلوا ما هو كالجبال الراسيات ثباتا وتمكنا من امر النبي صلى الله عليه وسلم وآيات الله وشرائعه وذلك محال- وقال الحسن ان كان مكرهم لا ضعف من ان تزول الجبال-.