الى كل نظرا الى لفظه كضمير أمن راجع اليه وَقالُوا الضمير راجع الى الرسول والمؤمنين جميعا او الى لفظة كل من حيث المعنى سَمِعْنا قولك وَأَطَعْنا أمرك وأجبناك- قال البغوي روى عن حكيم بن جابر رضى الله عنه ان جبرئيل عليه السلام قال للنبى صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الاية- ان الله قد أثني عليك وعلى أمتك فسل تعطه فسال بتلقين الله عز وجل فقال غُفْرانَكَ اى اغفر غفرانك او نسئلك غفرانك رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) المرجع بعد الموت وهو اقرار منهم بالبعث فهو داخل فى الايمان- وما ذكرنا من حديث الصحيحين يدل على «١» ان قولهم سمعنا إلخ كان قبل نزول هذه الاية فذكر الله تعالى حكاية عنهم وثناء عليهم وهو الأرجح-.
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها اى ما يسعه قدرتها وذلك فيما يبتنى من الاحكام على القدرة الممكّنة- او ما دون مدى قدرتها وذلك فيما يبتنى من الاحكام على القدرة الميسرة كالزكوة على نمو المال وحولان الحول وغير ذلك- وهذا يدل على عدم وقوع التكليف بالمحال ولا يدل على امتناعه- والمراد بالقدرة هاهنا هى القدرة الموهومة الموجودة قبل الفعل من سلامة الأسباب والآلات بعد اقامة الدلائل والبراهين على الأوامر والاحكام من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة- لا القدرة الحقيقية التي لا توجد الا مع الفعل- ولهذا يتوجه الخطاب والعذاب الى قوم نوح وفرعون وابى جهل وأشباههم الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وجعل على أبصارهم غشاوة واخبر عنهم بانهم لا يؤمنون قال الله تعالى لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ- ومشية الله تعالى غير مقدور للبشر فكذا مشيته التي علقت بمشيت الله تعالى- وهذا سر من اسرار الله تعالى يجب الايمان به والسكوت عنه وترك البحث فيه فانه مزلة الاقدام قال ابو هريرة فيما روى عنه الشيخان وغيرهما ان الصحابة لما اشتد عليهم نزول قوله تعالى إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ الاية وقالوا يعنى بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ انزل الله تعالى هذه الاية فنسخ بهذا ذلك قلت وقول ابى هريرة فنسخ بهذا ذلك مبنى على التجوز فان حقيقة النسخ هو رفع حكم شرعى بعد ثبوته وذا لا يتصور الا في الاحكام دون الاخبار- وذلك اخبار بالمؤاخذة على افعال القلوب- وهذا اخبار بعدم وقوع التكليف فوق الطاقة فلا يحتمل النسخ غير ان هذه الاية لما كان مزيلا لظنهم بالمؤاخذة على حديث النفس وموجبا لتسليتهم عبر ابو هريرة بالنسخ مجازا