للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَطَّعْناهُمْ

فرقناهم فِي الْأَرْضِ أُمَماً فرقا فشتت أمرهم حتى لا يكون لهم شوكة قط ولا يجتمع كلمتهم مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ الذين أمنوا بمحمد صلى الله عليه واله وسلم كذا قال ابن عباس ومجاهد قلت والظاهر ان المراد الذين على دين موسى صالحين قبل نسخه بقرينة قوله فخلف من بعدهم خلف وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ تقديره ومنهم ناس دون ذلك اى منحطون عن الصلاح وهم الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه واله وسلم او كانوا فساقا قبل نسخ دين موسى او كفارا لعيسى وداود وسليمان وَبَلَوْناهُمْ اى اختبرناهم بِالْحَسَناتِ اى النعم وَالسَّيِّئاتِ اى النقم لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ اى لكى ينتبهوا فيرجعوا عما كانوا عليه من الكفر والفسق بشكر المنعم عند النعمة وبالتوبة عند حلول النقمة.

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ اى جاء بعد المذكورين الذين وصفناهم خَلْفٌ القرن الذي يجئ بعد قرن كذا فى القاموس وقال ابو حاتم الخلف بسكون اللام الأولاد الواحد والجمع سواء والخلف بفتح اللام البدل سواء كان ولدا وغريبا وقال ابن الاعرابى الخلف بالفتح الصالح وبالسكون الطالح وقال النضر بن شميل الخلف بتحريك اللام وإسكانها فى القرن السوء واما فى القرن الصالح فتحريك اللام لا غير وقال محمد بن جرير اكثر ما جاء فى المدح بفتح اللام وفى الذم بتسكينها وقد يحرك فى الذم ويسكن فى المدح قال البيضاوي هو مصدر نعت به ولذلك يقع على الواحد والجمع وقيل جمع والمراد به الذين كانوا فى عصر النبي صلى الله عليه واله وسلم وَرِثُوا الْكِتابَ اى انتقل إليهم الكتاب يعنى التورية من ابائهم يقرؤنها ويطلعون على ما فيها يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى يعنى حطام هذا العالم الأدنى يعنى الدنيا وهو من الدنو او الدناءة والعرض المتاع وكل شىء سوى النقدين او ما كان من مال قل او كثر وهو المراد هاهنا وقيل العرض ما لا يكون له ثبات ومنه استعار المتكلمون العرض لما لم يكن له ثبات الا بالجوهر كاللون والطعم ولذا قيل الدنيا عرض حاضر يعنى لاثبات لها والمراد به ما كان علماء اليهود يأخذون من جهالهم فياكلون ولذلك كتموا نعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وحرّفوا كلام الله تعالى خوفا من زوال ماكلتهم وما كانوا يأخذون من الرشى فى الحكم والجملة حال من الضمير المرفوع فى ورثوا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا يحتمل العطف والحال والفعل مسند الى الجار والمجرور او الى الضمير العائد الى مصدر يأخذون يعنى بتمنون على الله المغفرة بلا توبة مع الإصرار على الذنب وهذا امر شنيع

<<  <  ج: ص:  >  >>