فى نحن الخالقون ايضا لافادة التخصيص تقدير الكلام أنظرتم فعلمتم ما تمنون فى الأرحام فيصير بشرا أبكم مختص خلقه أم بنا والاستفهام لانكار نسبة الخلق الى المخاطبين والإقرار لله سبحانه يعنى تعلمون ان الخلق المختص بنا لا بكم.
نَحْنُ قَدَّرْنا قرأ ابن كثير بتخفيف الدال والباقون بتشديدها وهما لغتان بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ يعنى قسمنا الموت عليكم كما قسمنا أرزاقكم على حسب ارادتنا فاختلف اعماركم من قصير وطويل ومتوسط او المعنى وقتنا موت كل بوقت معين لا يستاخرون منه ولا يستقدمون وتقديم المسند اليه على الخبر الفعلى لافادة التخصيص يعنى تقدير الموت وتوقيتها مختص بنا كما ان خلق كل مختص بنا فهذه الجملة مقررة لمضمون ما سبق وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ حال من فاعل قدرنا يعنى حال كوننا غير مسبوتين اى لم يسبقنا أحد فى تقديره او حال كوننا غير مقلوبين من سبقته على كذا إذا غلبته عليه وأعجزته او جملة معترضة والمعنى لا يسبقنا ولا معجزنا أحد فيهرب من الموت او بغير دفنه.
عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ
متعلق بمحذوف حال من فاعل قدرنا تقديره قدرنا بينكم الموت قادرين على ان نبدل منكم أمثالكم مكانكم او متعلق بقدرنا علة له وعلى بمعنى اللام يعنى قدرنا الموت لان نبدل منكم أمثالكم وجاز ان يكون متعلقا بمسبوقين والمعنى ما نحن بمسبوقين غير قادرين على ان نبدل أمثالكم فتخلق بدلكم وجاز ان يراد ان نبدل صفاتكم على ان أمثال جمع مثل بمعنى الصفة كما فى قوله تعالى مثل الجنة التي وعد المتقون وقوله تعالى للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الا على وَنُنْشِئَكُمْ
عطف على نبدل يعنى قادرين على ان ننشأكم بعد الموت فِي ما لا تَعْلَمُونَ
اى فى احوال وصفات لا تعلمونها من الثواب والعذاب.
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ عطف على قوله أفرأيتم ما تمنون النَّشْأَةَ الْأُولى يعنى خلقة الإنسان من المنى ووجوده بعد ما لم يكن شيئا مذكورا فَلَوْلا الفاء للسببية يعنى إذا علمتم النشأة الاولى فهلا تَذَكَّرُونَ ان منشىء النشأة الاولى قادر على ان ينشأ نشأة الاخرى فانها اقل صنعا لحصول المراد ولتخصيص الاجزاء وسبق المثال وفيه دليل على حجة القياس.
لَوْ نَشاءُ جعله حطاما لَجَعَلْناهُ اى الزرع حُطاماً قال عطاء تبنالا قمح فيه وقيل هشيما لا ينتفع به فى مطعم وغذاء فَظَلْتُمْ أصله ظللتم حذف أحد اللامين تخفيفا تَفَكَّهُونَ اى تعجبون مما ينزل بكم فى زرعكم وهو قول عطاء والكلبي ومقاتل وقيل تندمون على اجتهادكم ونفقاتكم وهو قول يمان وقال الحسن تندمون على ما سلف منكم من المعصية