واخرج الخلالى عن الشعبي كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا الى قبره يقرؤن القران وفى الاحياء عن احمد بن حنبل قال إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ذلك لاهل المقابر فانه يصل إليهم وقال البيضاوي فى توجيه الاية انه ما جاء فى الاخبار من ان الصدقة والحج ينفعان الميت فلان التاوي له كالتائب عنه وقال بعض العلماء فى توجيهها ان انتفاع المؤمن بسعى غيره مبنى على إيمانه وهو سعى نفسه فكان سعى غيره تابعا لسعى نفسه قايما بقيامه والله تعالى اعلم.
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى فى ميزانه يوم القيامة ان كان مؤمنا واما الكافر فيحبط أعمالهم بفوات شرطها وهى النية الخاصة لله تعالى او يقال الكافر يثاب عليه فى الدنيا من أريته الشيء قلت والاولى ان يقال السعى هاهنا بمعنى القصد قال فى القاموس سعى يسعى سعيا كرعى قصد وعمل ومشى وعدى وتم وكسب وقال بعض المحققين السعى المشي السريع ويستعمل للحمد فى العمل ومعنى الاية ليس للانسان الا ما قصد وأراد بفعله فهذه الاية تفيد ما يفيد قوله - صلى الله عليه وسلم - انما الأعمال بالنيات وان لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى الدنيا يصيبها او المرأة نكحها فهجرته الى ما هاجر اليه متفق عليه من حديث عمر ابن خطاب رض فلا تدل هذه الاية على ان عمل أحد لا يفيد غيره كيف وصلوة الجنازة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - امورتان واجبتان وضعتا لانتفاع غير الفاعل والله تعالى اعلم.
وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى هذا وما عطف عليه كله فى صحف ابراهيم وموسى والمنتهى مصدر بمعنى الانتهاء روى البغوي بسنده عن ابى بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فى قوله تعالى وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قال لا فكرة فى الرب يعنى الفكرة تنتهى الى الله ويتلاشى هناك قال البغوي وهذا مثل ما روى عن ابى هريرة مرفوعا تفكروا فى الخلق ولا تفكروا فى الخالق فانه لا تحيط به الفكرة كذا ذكر البغوي وروى ابو الشيخ فى العظمة عن ابن عباس تفكروا فى كل شىء ولا تفكروا فى ذات الله فان بين السماء السابعة الى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك قلت يعنى الفكرة لا يصل الى كرسيه فكيف الى ذاته وهو أجل وارفع وفى رواية له عنه تفكروا فى الخلق ولا تفكروا فى الخالق فانكم لا تقدرون قدره وروى ابو نعيم فى الحلية عنه تفكروا فى خلق الله ولا تفكروا فى الله وروى ابو الشيخ عن ابى ذر تفكروا فى خلق الله ولا تفكروا فى الله قلت الفكر عبارة عن ترتيب مقدمات لتحصيل مطلوب فترتيب المقدمات لا يتصور الّا فى آلاء الله وآياته واثاره والمطلوب ذاته وهناك تنتهى الفكرة فانه ليس وراء العباد ان